العدد 5206
الأحد 15 يناير 2023
banner
عمل الخير لا يضيع أبدا
الأحد 15 يناير 2023

 عمل الخير لا يضيع أبداً، بل إنه ترحيل لخير كثير قادم في المستقبل القريب، هذه حقيقة لا لبس فيها، وكمن مروا بقصص ربانية مذهلة، ختامها فضل من الله، ونعمه الكثيرة. وأذكر قصة لكاتب صحافي محترم، له مبادئه، وقلمه القوي، الذي لا يلين، والذي يسخره دوماً لخدمة الناس، بأن كتب مقالاً ذات مرة عن أسرة متعففة في مدينة عيسى، قوامها أرملة، وخمسة أيتام، أكبرهم طفلة في الصف الأول الإعدادي. كان مقالاً عميقاً، مؤلماً، قرأته يومها مرات عدة، حيث وصف به وبدقة عالية حال هذه العائلة، ومعاناتها اليومية في بيت قديم، آيل للسقوط، وكيف أن أفرادها يتقاسمون الفرحة المتقطعة.
وفي صباحية نشر المقال، وكان بصيف العام 2007، تفاجأ الكاتب الموقر بضيف يزوره بمقر الصحيفة، وأصر على الانتظار في سيارته بمواقف الصحيفة، وحين التقى الضيف، بادره الأخير بابتسامة عريضة، وهو جالس بسيارة قيمتها لا تقل عن 200 ألف دينار، قبل أن يقول له بترحاب “نورت لي يومي الثقيل بهذا المقال الرائع، ودليتني على طريق عمل الخير لهذه الأسرة، فشكراً لك يا صديقي”.
بعد لحظات من التعارف والترحاب، حيث تبين أن الضيف رجل أعمال معروف، جلس الكاتب بجواره في سيارته الفارهة التي لا نسمع عنها إلا بالأفلام، قبل أن يتحرك بها بهدوء، وهو يقول “أوصلني لهذه العائلة” وكان ذلك بالفعل. طرق الصحافي الباب الخشبي للبيت القديم، ففتحت الأم وهي مترددة، وعلى وجهها “غشاءة” سوداء، حين عرفته، بادرت بالترحيب، فصديقنا الكاتب دائم الوصل لها ولأولادها، وما المقال إلا غيث من فيض لعمل الخير منه لهم، عرفها على الضيف الجديد، والذي طلب بأدب أن يزور مرافق البيت، ويقف عليها.
بعد زيارة خاطفة لم تأخذ منه دقيقتين بالتمام والكمال، سلم الضيف الأم ظرفا به خمسة آلاف دينار، وقال لها “بكرة بيزورك مدير أعمالي، بينقلكم لشقة مفروشة، وسيتم إزالة بيتكم هذا بالكامل، وسأعيد بناءه على نفقتي ثواباً لوالدي ووالدتي، ولا تسأليني من أنا”. خلال 11 شهرا، كان البيت الصغير والجميل جاهزا، بل إن الرجل الكريم هذا تفضل بفرشه أيضاً بالكامل، هذا هو عمل الصحافة الذي ننشده، وهذا هو عمل الخير الذي لا ينتظر استئذاناً، والذي لا يمكن لفضيلته أن تضيع أبداً.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية