العدد 5207
الإثنين 16 يناير 2023
banner
ما هكذا نعامل المعلم!
الإثنين 16 يناير 2023

يتساءل عدد من المعلمين والمعلمات عن السر الكامن وراء تأخر صرف الحوافز والمكافآت المقررة لهم منذ العام الماضي، وبالتحديد شهر نوفمبر الماضي، وهذا جعل كثيرين منهم يعيشون في حالة من القلق والإحباط النفسيّ. 
كان يفترض أن تطلع الوزارة منتسبيها من المعلمين على الظروف بدلا من أن تجعلهم في حيرة وترقب، ناهيك عن أن المعلمين لا يزالون في انتظار علاوة تمديد الدوام المدرسيّ منذ ثلاث سنوات.  
المسألة الإشكالية والشائكة التي تواجه المربين منذ عقود وحتى اللحظة.. ما هو المدى المسموح به للمعلم لممارسة العقاب بحيث لا يتجاوز الحدود؟ نحن بالطبع لسنا ضد قرار وزارة التربية والتعليم بمنع العقاب القائم على الضوابط الأخلاقية، لكننا في نفس الوقت ضد تحجيم الدور التربوي للمعلم الذي ربما يفقده شخصيته كمربٍّ.
المعلمون طوال الأعوام الفائتة تقيّدوا بالقانون الصادر عن وزارة التربية القاضي بعدم اللجوء إلى كل أشكال التأديب بالضرب حتى لو بشكل خفيف، أي لا يترك أثرا فماذا كانت النتيجة؟ للأسف كانت مفزعة للغاية. 
لقد تضاءلت شخصية المعلم أمام طلابه بعدما اطمأنّ هؤلاء بأنه لن يمسهم المعلم مهما تمادوا في إساءتهم، بل الأدهى أن المنع التام كان يعني لبعضهم أن يد المعلم لن تطالهم مهما تجاوزوا حدود الأخلاق، أليس هذا نتيجة منطقية للمقولة الشائعة من أمن العقوبة أساء الأدب؟
لقد سلبتم المعلمين هيبتهم وأصبحوا فاقدين لأية صلاحية تتيح لهم تأديب المشاغبين. أما القول إنّ على المعلم إسداء النصح والإرشاد فلا أظنّ أنه بات يجدي نفعا، ولا أشك بأنّ الكثيرين على علم بهذا. ثم إنّ التهديد بجر المعلم للتحقيق التربوي فيه تقليل من مكانته، مقابل إطلاق العنان للطالب لممارسة ما يحلو له. 
بصراحة إنّ قرار الوزارة المشار إليه سحب من المعلم آخر ما يتسلح به لمواجهة فئة استمرأت إهانته واستفزازه وطبعا ليس أمامه إزاء هذا الوضع إلا “النصيحة والإرشاد”! 
ثمة رأي يتمسك به عدد من العاملين في الحقل التربوي يرى بأنّ “التأديب” لابدّ منه لانتظام سير العملية التعليمية، ويجب الأخذ به في نطاق محدود. 
لا أحد يقر بالعقاب الذي يترك آثارا سلبية على جسم ونفسية الطلاب، والذي ربما تمتد آثاره على التحصيل الدراسيّ ونتائجه ليست غائبة عن أذهان المعلمين.. وهنا لا يبرح ذاكرتنا أنّه قبل أربعة عقود من الزمن كان المعلمون يعاقبون طلبتهم بأساليب غاية في القسوة وتحولت في أكثر الأحيان إلى الضرب المبرح حتى بحق الأطفال والناشئة وكانت نتائجه كارثية جدا. نحن لا ننادي بهذا النوع من العقاب ولا بسلب المعلم كل الوسائل التي أمامه لحفظ النظام داخل الفصل.
* كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .