العدد 5209
الأربعاء 18 يناير 2023
banner
البرازيل بين الديمقراطية والبولسونارية
الأربعاء 18 يناير 2023

هل نجحت التجربة الديمقراطية في البرازيل، لا سيما بعد إعادة انتخاب الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا، لولاية جديدة؟ تساؤل لم يعد يشغل البرازيليين فحسب، بل كل شعوب أميركا اللاتينية، والتي تعاني على الدوام من تقلبات الحكم منذ عقود طوال.
فاز دا سيلفا بفارق مليوني صوت عن منافسه الرئيس السابق، جافيير بولسونارو، المحسوب على تيار اليمين السياسي، لاسيما الأميركي. في خطاب النصر قال دا سيلفا: "هذا ليس انتصارا لي ولا لحزب العمال، ولا للأحزاب التي دعمتني في هذه الحملة، إنه انتصار لحركة ديمقراطية هائلة تشكلت فوق الأحزاب السياسية والمصالح الشخصية والآيديولوجيات لتنتصر الديمقراطية. والشاهد أن ما حدث في البرازيل يوم الانتخابات الرئاسية في 30 أكتوبر المنصرم، يعكس رغبة متنامية من الشعب البرازيلي في المزيد من الديمقراطية، وممارسة حقه المقدس في اختيار من سيحكم حياته ويريد المشاركة بنشاط في قرارات الحكومة.
يعن لأي محلل سياسي محقق ومدقق أن يتساءل: "هل رؤية دا سيلفا للبرازيل في قادم الأيام تحمل علائم ديمقراطية وتبشر بمصالحة وطنية داخلية تعزز الديمقراطية؟ بحسب تعبير لولا نفسه: "يبدو الشعب البرازيلي بحاجة إلى العيش بشكل جيد، وأن يجد الغذاء الطيب، والوظيفة الملائمة والراتب الذي يتم تعديله دائما فوق التضخم، ويريد كذلك الحصول على تعليم وصحة جيدين، عطفا على الحرية الدينية، يريد الكتب بدلا عن القنابل، يريد استعادة الأمل، وبالإضافة إلى هذا كله يتطلع لعجلة اقتصاد تدور مرة جديدة. غير أن الرياح لا تأتي دائما بما تشتهي السفن كما يقال، ذلك أنه وبشكل غريب وعجيب، لا يخلو من ملامح ومعالم أفكار المؤامرة العالمية، حيث تابع العالم الآلاف من البرازيليين أنصار الرئيس السابق بولسونارو، يتدفقون في غوغائية مطلقة ليقتحموا مبنى الكونجرس والقصر الرئاسي والمحكمة العليا في العاصمة برازيليا. مشهد الآلاف من أنصار بولسونارو، الذين يرتدون ملابس صفراء وخضراء، وهم ينشرون الفوضى في العاصمة بعد نحو ثلاثة أشهر من الانتخابات، جاء تتويجا لحملة ممتدة من الشحن والاستعداد من جانب أتباع تيار اليمين المتشدد إلى حد التطرف عبر منصات التواصل الاجتماعي، والذي كان يغذيه بولسونارو. سريعا تساءل العديد من المراقبين في الداخل البرازيلي وخارجها: "هل الولايات المتحدة الأميركية تقف وراء ما حدث، سيما أنها لا ترحب بالرئيس اليساري الجديد، ودائما كانت داعمة لسلفه الذي يمضي في ركابها آيديولوجيا؟
الشاهد أن الموقف الأميركي تراوح بين وصف الرئيس بايدن لما يحدث بأنه "مروع"، وتصريح وزير الخارجية أنتوني بلينكن عبر تغريدة أشار فيها إلى أن واشنطن تضم صوتها إلى دا سيلفا في الدعوة إلى وقف الهجمات فورا.
أما مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، فقال: "إن بلاده تدين أية محاولات لتقويض الديمقراطية في البرازيل، مضيفا أن "الرئيس بايدن يتابع الموقف عن كثب، كما أن دعمنا للمؤسسات الديمقراطية البرازيلية لن يهتز بسبب العنف".
حكما لم يكن من الوارد أبدا أن تقبل إدارة الرئيس بايدن محاولات إسقاط الرئيس المنتخب دا سيلفا عبر ذلك الدرب الذي سبق ورفضته في السادس من يناير قبل عامين، حين حاولت جموع المتطرفين المناصرين لترامب، الهجوم على الكونجرس، وإلغاء نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية.
وعلى الرغم من أن المشهد البرازيلي هدأ من جهة التظاهرات، لكن لا تزال هناك مخاوف من أن تكون البولسونارية، أي أتباع الرئيس السابق بولسونارو، قائمة في حنايا وخبايا البرازيل، بالضبط كما الحال مع الترامبية في الداخل الأميركي.
هل ستنجو الديمقراطية من فخ البولوسونارية؟.
كاتب مصري متخصص في الشؤون الدولية

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .