العدد 5215
الثلاثاء 24 يناير 2023
banner
جرائم الكراهية لمدعي الحريات
الثلاثاء 24 يناير 2023

تخرجُ علينا بين الحين والآخر مجموعة من الحركات اليمينية المتطرفة في مختلف الدول الغربية، حيث يحرقون القرآن الكريم، دون أن يضعوا في حسابهم أنه الكتاب المقدس عند المسلمين، في تجسيد صريح للعنصرية والبغضاء، ومع أن هذا الفعل الساذج أشبه ما يكون بتغطية عين الشمس بغربال؛ فإنه لا يزال يتكرر بين حين وآخر، فما إن تخمد فتنة من هذا الباب حتى تشتعل أخرى، تارة يمسون القرآن، وأخرى نبي الإسلام وخير الخلق أجمعين صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار، وثالثة تتمثل في اعتداءات على من ينتسبون للإسلام، فينتج عن ذلك صخب إعلامي، وثورة جماهيرية كبيرة من أدنى الأرض إلى أقصاها، غضبا واعتراضا واحتجاجا، ودعوات لأخذ الحق إما بالمقاطعة، أو المطالبة بإيقاف المسؤولين عن الإساءة على ميزان العدالة، لكن تتبخر المسألة في غضون أشهر أو أسابيع، ويغلق الملف تحت دعوى الحريات المزعومة.
وبما أن الحق ظاهر على الباطل، فإن التصرفات التي يتشبث بها مدّعو الحريات ليست سوى جعجعة، لا يمكن أن تستر الحق، ولا أن تصادم الجبل الأشم، لا سيما إذا أخذ الحق مجراه في الرد الراقي على هذه المواقف العدائية الطائشة، فلم يأت ردا ثائرا، ولا أحمق، ولا هزيلا، بل جاء ردا رصينا هادئا حكيما، إذا جاء مجسدا للدين في الفعل الحكيم، والقول الرصين، فكان الرد ببيان كمال الإسلام وعدله ورقيه وخلقه، وجاء ليبين الصورة الحقة للإسلام بلا استكانة ولا خضوع، ولا طيش وسفه، وبدون أن يتطرق للموقف المستفز ولا أن يشير بإصبعه إليه، إنه يشق المسار الصحيح بدون أن يستنزف طاقته، ولا أن يدخل في كلام لا طائل من ورائه.. هذه الأعمال كانت وراء اقتراب العالم من حقيقة القيم الإسلامية، وسمو المبادئ التي ينادي بها القرآن ونهجه الإنساني والخلقي القويم، وبهذه الردود الواعية دخل أقوام في الإسلام، وعلموا أنه لا مبرر لمثل هذه الأعمال الإجرامية التي تحارب دين الفضيلة والعدل والخلق، والتي مبعثها الجهل المتأزم في عقول هؤلاء.
الحق باق ومنتصر ولو طال الزمان، إذا تمسكنا بجوهره حقيقة لا بقشوره فقط، ولن تضرنا حينئذ الدعوات الديمقراطية التي تنادي بها بعض الدول الغربية لحماية هذه الحركات المتشددة.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية