العدد 5220
الأحد 29 يناير 2023
banner
تجربة عادية.. نرجسية طاغية
الأحد 29 يناير 2023

إن ارتباط الكاتب بحياة الشعب الذي يعيش ضمنه، يعطيه إمكانية الاستمرار في الكتابة وتطوير مضامين قصصه وشعره ورواياته، وتطور المضامين يعني في وقت ما نمو المحتويات، متلازما مع تطور الأساليب والأشكال الفنية، وذلك بصورة عضوية متلاحمة عبر سياق التجربة، لكن التجديد يختلف اختلافا كليا في اللون والمضمون والمذاق، ولغاية اليوم ساحتنا الفكرية والأدبية بعيدة عن التجديد، وهي حقيقة ينبغي أن يفهمها من يطلق على نفسه الشاعر المجدد أو الأديب المجدد.


لا ريب أن التجديد ظاهرة تاريخية، أي أن التجديد يجري في الزمن، وهو بهذا المعنى يظهر على شكل اقتراح بإعادة تشكيل العالم، وفي أساس هذا الاقتراح تكمن نظرة آيديولوجية تنبثق عنها نظرة جمالية، هذا حين يتناول الحديث مجال الإبداع الفني، وطالما أن التجديد يقترح تغييرا في الحياة، أو في الفن كجزء أصيل من الحياة، فإن هذا الاقتراح لا ينبثق من سكون أو انقطاع الزمن، بل من اتصال ديالكتيكي لا يكف عن الحركة والتصاعد محققا نقطة تغيير على هذا المسار الذي لا يتوقف ولا ينقطع.


ومن هنا فإن فهم أي جديد ينبغي أن يبدأ بتحديد الدلالات التي يقترحها ويضعها على محك المسار التاريخي للتقدم، أي بعبارة أخرى ينبغي أن يبدأ بطرح هذين السؤالين.. ماذا يقترح التجديد.. وكيف؟ وبطبيعة الحال فإن السؤالين ينبثقان من أرضية الزمن المعاصر بكل ما فيه من قيم، هذه الأرضية التي هي في الوقت ذاته خلاصة مكثفة لخير ما في الماضي من تراث، أي أنها تحمل على صفحتها وفي صميمها وميض وعطاء جميع نقاط التغيير الدياليكتيكي على مدى تاريخ الثقافة والبشر.


مشكلتنا في البحرين وجود كتاب وشعراء يرسمون لأنفسهم إطارات لا تناسبهم، وأن في استطاعتهم بلورة ملامح جديدة لم يتدرب عليها القارئ ذهنيا ونفسيا وكأنها قبس من الملأ الأعلى، مع أن تجاربهم عادية جدا في الأسلوب والمعنى وتحمل نرجسية طاغية.


كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية