العدد 5223
الأربعاء 01 فبراير 2023
banner
تقرير الأطلسي ومستقبل روسيا الاتحادية
الأربعاء 01 فبراير 2023

في عام 1961، تأسس المجلس الأطلسي، كمؤسسة فكرية أميركية، تحاول فك شفرات الشؤون الدولية، وقد كانت الستينات وقت اشتداد أوار المعارك بين حلفي وارسو والناتو.
يدير المجلس الأطلسي، ستة عشر مركزا إقليميا وبرنامجا وظيفيا يتعلق بالأمن الدولي والازدهار الاقتصادي العالمي، ويقع مقره الرئيس في العاصمة الأميركية واشنطن، والمجلس عضو في رابطة حلف الأطلسي. منتصف يناير المنصرم، صدرت عن المجلس رؤية عن أحوال العالم، كانت نتاج استطلاع رأي شارك فيه نحو 167 خبيرا من كبار الاستراتيجيين والخبراء حول العالم، 60 % منهم أميركيون، والبقية الباقية منتشرة وموزعة على نحو 30 دولة.
التقرير أكثر من أن نحيط به في سطور قليلة، غير أن بعض ملامحه ومعالمه، تقطع بأن عالمنا المعاصر يعيش أزمات خطيرة، بعضها قابل للانفجار والتأثير جذريا على أمن وسلام العالم. من أهم القضايا التي يتناولها التقرير، مستقبل روسيا الاتحادية، حيث 46 % من خبراء المركز يقولون إن هناك احتمالا لانهيار روسي خلال العقد المقبل.. هذا التعبير خطير للغاية، ويدفعنا للتساؤل التالي: "هل الأمر مجرد تنبؤات تسعى لتحقيق ذاتها بذاتها، أي أن هناك من يخطط بالفعل لإسقاط روسيا الاتحادية كنبوءة استشرافية وهناك من يعمل على الأرض لاسيما من خلال الحرب الأوكرانية على تحقيقها؟ يمكننا أن نصدق بدرجة ما هذا التفكير، سيما وأن النسبة البالغة من الخبراء أميركيون يميلون إلى إعلاء شأن حلف الناتو، والقضاء على أية رغبة روسية في النهوض من جديد، ومجابهة الأقدار السيزيفية المتربصة بهم منذ زمان وزمانين.
قراءة المجلس الأطلسي الأخيرة، تدفعنا لمراجعة أوراق المحافظين الجدد ووثيقة القرن الأميركي، تلك التي صدرت في أواخر تسعينات القرن المنصرم، وتمحورت حول قطع طريق القطبية على أية قوى قائمة أو قادمة، يمكن أن تنافس أميركا في تسنمها العالم.
والمعروف أن وثيقة القرن الأميركي هذه، تمت بلورتها عام 2010، من خلال استراتيجية الاستدارة نحو آسيا، وقد كانت عرابتها هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية في ذلك التوقيت، خلال إدارة أوباما الأولى.
الحديث عن روسيا في تقرير المجلس الأطلسي مخيف، سيما أن هناك 21 % من الخبراء يقطعون بأن روسيا مرشحة لأن تضحى دولة فاشلة في غضون السنوات العشر المقبلة. 
أما الأمر الذي يشكل صدمة للقارئ، فيتمثل في تنبؤ 40 % من المشاركين بسيناريو تقسيم روسيا جغرافيا بحلول عام 2033، أي خلال عقد واحد من الزمن، بسبب الثورة أو الحرب الأهلية أو التفكك السياسي أو أي سبب آخر. 
يكاد القارئ المحقق والمدقق أن يعلو صوته بالقول إن هناك من يسعى سعيا حثيثا في طريق تنفيذ سيناريو ما لجهة نهاية مستقبل روسيا كدولة عظمى موحدة على مدى ألف عام ويزيد.
الذين لهم دالة على عقل فلاديمير بوتين، يعلمون تمام العلم، الحزن العميق الراسخ في داخله جراء تفكيك الاتحاد السوفييتي على ذلك النحو المذل والمهين، ويقطعون بأن رجالات الكرملين، يفتحون أعينهم جيدا على سيناريوهات مثيلة يمكن أن تتعرض لها روسيا الاتحادية في قادم الأيام، تكون مدخلا لهذا السيناريو الذي يتحدث عنه تقرير الأطلسي.
النتيجة الأكثر سوداوية في التقرير، ذهب إليها 14 % من القائمين عليه، وفيها أن روسيا ستستخدم سلاحها النووي خلال العقد القادم.
من غير تهوين أو تهويل، يعد تقرير الأطلسي، شأنا خطيرا ويفتح الباب أمام سيناريوهات إشعال العالم. 
هل بات الأمر قدرا مقدورا في زمن منظور؟.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .