+A
A-

السعودية تستهدف تصنيع أكثر من 300 ألف سيارة سنوياً بحلول 2030

بين “COP27” في مصر في نوفمبر الماضي والنسخة القادمة من مؤتمر المناخ في الإمارات العربية المتحدة في نهاية العام الجاري 2023، يعد هذا عاماً حاسماً للتنقل الأخضر في الشرق الأوسط. تركز القوى العظمى الإقليمية الثلاث على تصنيع السيارات الكهربائية، وبغض النظر عمن سيتولى زمام المبادرة في نهاية المطاف، يبدو أن العام 2023 هو العام الذي يتحول فيه الشرق الأوسط أخيراً إلى السيارات الكهربائية.
في منطقة تشتهر بالنفط و”الوقود الرخيص”، قد تعتقد أن “التنقل الأخضر” سيكون منخفضاً في قائمة الأولويات، ولكن - ربما بدافع من مؤتمرات المناخ التي تعقد محلياً هذا العام - تكثف المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر جهودها لإطلاق صناعة محلية للسيارات الكهربائية.
المملكة العربية السعودية
ليس لديها اليوم صناعة محلية جاهزة لتصنيع السيارات، لكنها تستثمر بأرقام ضخمة، ليس فقط لتغيير ذلك، ولكن لأخذ زمام المبادرة الإقليمية - وتحديداً فيما يتعلق بإنتاج السيارات الكهربائية، السعوديون يراهنون على حصانين - إذا جاز التعبير: 
* استثمروا 1 مليار دولار في شركة Lucid المصنعة للسيارات الكهربائية الأميركية، والتي تخطط لإنشاء الإنتاج في البلاد قريباً. 
* أطلقوا علامة تجارية محلية للسيارات الكهربائية، تسمى “Ceer” - وهي مشروع مشترك بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي ومجموعة التصنيع الصينية “Foxconn”، وتهدف ”سير“، التي ستستخدم تقنية “BMW”، إلى تصميم وتصنيع وبيع سيارات السيدان وسيارات الدفع الرباعي في جميع أنحاء الشرق الأوسط. 
وستحتاج كلتاهما إلى البدء في الإنتاج قريباً إذا أرادت المملكة العربية السعودية تحقيق هدفها المتمثل في طرح 150,000 سيارة كهربائية بحلول العام 2026. كما يقدم السعوديون إمكانات كبيرة لشراء السيارات الكهربائية، ويضغطون من أجل حافلات الطاقة الخضراء. 
ومع ذلك، فإن الضغط من أجل الكهربة المحلية ليس “أخضر” بالكامل: “من خلال بناء المركبات الكهربائية محلياً، يمكن (للسعوديين) توفير النفط وتصديره إلى السوق الخارجية”، حسبما نقلت إذاعة “صوت أمريكا” عن جوزيف سالم، الشريك الرئيسي للسفر والنقل في آرثر دي ليتل في الرياض.

“CEER”
عزز صندوق التنمية الوطني السعودي اقتصاد المملكة من خلال الموافقة على التمويل والدعم بقيمة تزيد عن 135 مليار ريال سعودي (36 مليار دولار) في العام 2022، وفقاً لتقرير.
وحدد التقرير ربع السنوي لصندوق التنمية الوطني المبادرات المختلفة التي يقودها الصندوق؛ لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتوخاة في رؤية المملكة 2030. كما وقعت منظومة التطوير في صندوق التنمية الوطني اتفاقية تمويل مع شركة نيوم للهيدروجين الأخضر لإنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم مع استمرار المملكة العربية السعودية في رحلة الاستدامة.
ومن الأمثلة الأخرى الدعم المقدم لشركة السيارات الكهربائية السعودية “CEER”، حيث قال التقرير: “كجزء من جهود النظام البيئي لدعم الاستدامة البيئية في القطاع الصناعي، قدّم صندوق التنمية الصناعية السعودي تمويلاً تنموياً إستراتيجياً لشركة “CEER” لتأسيس أول شركة سيارات كهربائية سعودية وتمكينها من المنافسة في هذا القطاع المتنامي”.
وأشار التقرير إلى أن صندوق التنمية الوطني أصدر موافقته على إنشاء شركة الاستثمار التابعة لبنك التنمية الصناعية لدعم أهداف الإستراتيجية الوطنية للصناعة، وزيادة استثمارات القطاع الخاص في المشاريع الممولة، وجذب المستثمرين المحليين والدوليين للاستثمار في القطاعات المستهدفة.
ووقعت شركة “Ceer” اتفاقية بقيمة 69 مليون دولار تقريباً مع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لبناء أول منشأة تصنيع للسيارات الكهربائية، وأكدت الشركة أن “غالبية” الوظائف المتعلقة بالمشروع ستذهب إلى المواطنين السعوديين، وتقع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية على البحر الأحمر شمال جدة، وتستضيف مصانع وجامعة وميناء وأكثر من ذلك.
ويمثل “سير”، أحدث مبادرة من جانب المملكة العربية السعودية؛ لتقليل اعتمادها على النفط والانتقال إلى صناعات أكثر استدامة وصديقة للبيئة، وفي الآونة الأخيرة، بدأ صندوق الاستثمارات العامة في إصدار “سندات خضراء”، وهي أدوات دين تستخدم لتمويل المشاريع الخضراء. 
ومع ذلك، فإن ”النفط السعودي لن يختفي“ في المستقبل القريب، خصوصاً مع تأكيدات وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان الشهر الماضي أن السعودية تزيد طاقتها الإنتاجية النفطية.


ووفقاً لشركة فوكسكون، تهدف “سير” إلى بيع السيارات الكهربائية للعملاء في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأكبر، وتأتي هذه المبادرة في إطار جهود صندوق الاستثمارات العامة لتنويع اقتصاد البلاد من خلال الاستثمار في الصناعات ذات النمو الواعد.
وتأمل الشركة في جذب 150 مليون دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلاد مع خلق 30 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وفقاً لشركة فوكسكون، من المتوقع أن تساهم بمبلغ 8 مليارات دولار في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية بحلول العام 2034.
 

أكثر من 300 ألف سيارة
أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الصناعية السعودي بندر الخريف، أن ملف صناعة السيارات في المملكة العربية السعودية من الملفات المهمة التي درستها الإستراتيجية الوطنية للصناعة؛ نظراً لكونها من الصناعات المعقدة التي تساهم في تطوير سلاسل التوريد لعدة منتجات، مشيراً إلى أن الدولة تستهدف تصنيع أكثر من 300 ألف سيارة سنويا بحلول العام 2030.
وأشار الخريف، خلال حفل وضع حجر الأساس لشركة “لوسد موتورز” في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، إلى أن المملكة العربية السعودية تستهدف تصنيع السيارات لتغطية الطلب المحلي والتصدير إلى العالم، مؤكداً أن حجم الإنفاق على السيارات في المملكة العربية السعودية في العام 2020 بلغ نحو 40 مليار ريال، فيما تجاوز حجم السوق السعودية أكثر من 500 ألف سيارة سنوياً، وهو ما يمثل 50 % من السوق الخليجية، لافتاً إلى أن الصندوق قدم تمويلاً لإنشاء مصنع لوسد بقيمة تصل إلى أكثر من 5 مليارات ريال.
وأكد الوزير أن اختيار “لوسد” للمملكة العربية السعودية مقرّاً لأول مصانعها في الشرق الأوسط، والتي تسعى لتصدير أكثر من 85 % من منتجاتها، يبرز تنافسية المملكة العربية السعودية وقدرتها على الاستفادة من إمكاناتها، مثل الموقع الجغرافي المتميز، والقدرة على التواصل مع عدة أسواق إقليمية ودولية والوصول إليها، البنية التحتية الجيدة، وجودة الخدمات، مضيفاً: “نتطلع إلى العمل مع الشركة والشركات الرائدة الأخرى، وفي الوقت نفسه، الاستمرار في بناء الخبرات العالمية”، معتمدين على المزايا النوعية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية، بدءاً من القدرات النوعية في القطاع الصناعي، والبنية التحتية المثالية لعدة صناعات، وتوافر الموارد المعدنية،  بالإضافة إلى وجود كوادر بشرية مؤهلة.
  

هيدروكسيد الليثيوم  
     قامت شركة مواد البطاريات الأسترالية “EV Metals Group” بتأمين 127 هكتاراً من الأراضي في المملكة العربية السعودية؛ لبناء مجمع لمعالجة المواد الكيميائية للبطاريات. ومن المقرّر أن يبدأ إنتاج هيدروكسيد الليثيوم في المصنع الواقع في مدينة ينبع الصناعية في العام 2026.
كما حصل فرع الشركة الأسترالية “EVM Arabia” بالفعل على تصريح بيئي للمجمع المخطط له، وستتم معالجة المواد الخام من غرب أستراليا لإنتاج مواد كيميائية عالية النقاء لبطاريات السيارات الكهربائية التي تحتوي على الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنغنيز والمعادن الأخرى لإنتاج مواد الكاثود النشطة، ومن المقرر أن يبدأ البناء في الربع الثالث من هذا العام.
وسيتم تقسيم المجمع إلى نباتات مختلفة، وسيتم بناء مصنع كيماويات الليثيوم لإنتاج هيدروكسيد الليثيوم أحادي الهيدرات عالي النقاء (LHM) أولاً بخطين إنتاج، ومن المقرر أن تتبعها أربعة مصانع أخرى بحلول العام 2030، وفي ذلك الوقت سيتم تشغيل مصنع تكرير النيكل، من بين أمور أخرى.
وسيتم تصدير المنتجات الأولية من “EVM” إلى المملكة العربية السعودية ومعالجتها هناك، وتقول الشركة الأسترالية إنه من المقرر أن يبدأ إنتاج هيدروكسيد الليثيوم في العام 2026. الخطة الأولية هي إنتاج 50,000 طن وبعد ذلك 150,000 طن سنوياً. بالإضافة إلى التصريح البيئي، تلقت “EVM Arabia” بالفعل مخصصات الغاز والكهرباء من وزارة الطاقة في المملكة العربية السعودية، والتي ستغطي احتياجات الطاقة لإنتاج هيدروكسيد الليثيوم.


يقول مايكل نايلور، رئيس مجلس إدارة “EVM Arabia” والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة “EVM”: “يقع مجمع كيماويات البطاريات الخاص بنا في موقع إستراتيجي؛ لتلبية الطلب على المواد الكيميائية عالية النقاء من مصنعي السيارات الكهربائية وخلايا البطاريات محلياً ومن الأسواق المستهدفة في أوروبا وأميركا الشمالية التي تبحث عن سلاسل توريد مستقرة وشفافة”.
في حين أن المملكة العربية السعودية بعيدة كل البعد عن أستراليا، فإن الشركة الأسترالية لديها مصالح حالية قريبة نسبياً في المملكة المتحدة، في مايو من العام الماضي بعد أن أعلنت شركة الكيماويات البريطانية جونسون ماثي بشكل مفاجئ انسحابها من العمل بمواد البطاريات لصناعة السيارات في نوفمبر 2021، استحوذت مجموعة “EV Metals” الأسترالية على أصول جونسون ماثي في مركز تكنولوجيا البطاريات في أكسفورد ومركز تكنولوجيا البطاريات والمصنع التجريبي في بيلينجهام، وهو مركز أبحاث في موسبورغ ألمانيا، وموقع تم بناؤه جزئياً في كونين بولندا، مقابل 50 مليون جنيه إسترليني (59 مليون يورو). وشملت عملية البيع أيضاً تقنية “eLNO” من جونسون ماثي القائمة على منصات الكاثود “GEMX” و “CAM-7”.


المصادر: 
*electrive
*globalfleet
*arabnews
*zawya