+A
A-

بالفيديو: عبدالحسين ميرزا.. مسيرة عطاء استمرت 60 عاما

كيف‭ ‬هرب‭ ‬ميرزا‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬رهنه‭ ‬لطلب‭ ‬الفدية؟‭ ‬

أول‭ ‬بحريني‭ ‬يتولى‭ ‬منصب‭ ‬مدير‭ ‬ورئيس‭ ‬تنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬“بابكو”

تحمل‭ ‬مسيرة‭ ‬مستشار‭ ‬الشركة‭ ‬الوطنية‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز‭ ‬عبدالحسين‭ ‬ميرزا‭ (‬78‭ ‬سنة‭) ‬محطات‭ ‬تاريخية‭ ‬عديدة‭ ‬ودروسا‭ ‬حياتية‭ ‬وعملية‭ ‬تمثل‭ ‬درسًا‭ ‬للأجيال،‭ ‬فالعطاء‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭.‬

فقد‭ ‬قدم‭ ‬عبدالحسين‭ ‬ميرزا‭ ‬سيرة‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬“مسيرتي‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الوطن”،‭ ‬في‭ ‬أمسية‭ ‬إدارية‭ ‬نظمتها‭ ‬جمعية‭ ‬الإداريين‭ ‬البحرينية‭ ‬أمس‭ ‬الأول،‭ ‬إذ‭ ‬لخص‭ ‬ميرزا‭ ‬في‭ ‬سرد‭ ‬تاريخي‭ ‬مذكراته‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬750‭ ‬صفحة‭.‬

وقضى‭ ‬ميرزا‭ ‬40‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬المهنية‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬نفط‭ ‬البحرين‭ ‬“بابكو”‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬قضى‭ ‬الـ‭ ‬20‭ ‬سنة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬الحكومة‭ ‬ومتنقلا‭ ‬بين‭ ‬المناصب‭ ‬الوزارية،‭ ‬حيث‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬أكثر‭ ‬الوزراء‭ ‬توزيرًا‭ ‬بعشر‭ ‬حقائب‭ ‬أدى‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬القسم‭ ‬أمام‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭.‬

البداية‭ ‬

ولد‭ ‬عبدالحسين‭ ‬علي‭ ‬ميرزا‭ ‬في‭ ‬فريج‭ ‬المشبر‭ ‬بمنطقة‭ ‬المخارقة‭ ‬بالمنامة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬2‭ ‬أغسطس‭ ‬1944‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬القابلة‭ ‬المعروفة‭ ‬فاطمة‭ ‬الزياني،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬ترتيبه‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬عائلته‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬إخوة‭ ‬و5‭ ‬أخوات‭.‬

ووالده‭ ‬علي‭ ‬ميرزا‭ ‬المعروف‭ ‬برئيس‭ ‬الشرطة،‭ ‬رجل‭ ‬عصامي‭ ‬خدم‭ ‬في‭ ‬سلك‭ ‬الشرطة‭ ‬لمدة‭ ‬50‭ ‬سنة‭ ‬حيث‭ ‬تدرج‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬عميدًا،‭ ‬وقد‭ ‬ربى‭ ‬أبناءه‭ ‬على‭ ‬الإخلاص‭ ‬والانضباط‭ ‬والولاء‭ ‬للقيادة،‭ ‬وعرف‭ ‬عن‭ ‬علي‭ ‬ميرزا‭ ‬بتمسكه‭ ‬بالنزاهة‭ ‬والقيم‭ ‬القومية‭.‬

ويشير‭ ‬ميرزا‭ ‬بفخر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬والده‭ ‬ترك‭ ‬لهم‭ ‬ثروة‭ ‬معنوية‭ ‬كبيرة‭ ‬ولا‭ ‬تقدر‭ ‬بثمن،‭ ‬وهي‭ ‬محبة‭ ‬الناس‭ ‬والسمعة‭ ‬الطيبة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬محل‭ ‬تقدير‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة،‭ ‬وتمثل‭ ‬قدوة،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أنه‭ ‬يدين‭ ‬إلى‭ ‬والده‭ ‬وأفراد‭ ‬عائلته‭ ‬بتحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬الذي‭ ‬أنجزه‭.‬

الطبع‭ ‬الخجول

يشير‭ ‬ميرزا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬حياته‭ ‬كان‭ ‬يتسم‭ ‬بالخجل،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬كان‭ ‬مجدًا‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬الثانوية‭ ‬ليكون‭ ‬ترتيبه‭ ‬الأول‭ ‬حين‭ ‬تخرج‭ ‬منها‭ ‬1959،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬حينها‭ ‬تقوم‭ ‬بالابتعاث‭ ‬من‭ ‬القسم‭ ‬التجاري،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬توجد‭ ‬جامعات‭ ‬بالبحرين،‭ ‬ما‭ ‬حدا‭ ‬به‭ ‬لطلب‭ ‬مساعدة‭ ‬والده‭ ‬لاستكمال‭ ‬الدراسة‭ ‬الجامعية،‭ ‬وبحكم‭ ‬أن‭ ‬والده‭ ‬ينتمي‭ ‬للسلك‭ ‬العسكري‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يعلمه‭ ‬على‭ ‬الانضباط‭ ‬ويطلب‭ ‬منه‭ ‬العمل‭ ‬أولًا‭ ‬لجمع‭ ‬بعض‭ ‬المال،‭ ‬وهو‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬14‭ ‬سنة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أصغر‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬أنهوا‭ ‬الثانوية،‭ ‬فكانت‭ ‬أول‭ ‬وظيفة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المحكمة‭ ‬الصغرى‭ ‬الثالثة‭ ‬1960‭ ‬بوظيفة‭ ‬كاتب،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬عمل‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬بريطانية‭ ‬من‭ ‬المعهد‭ ‬الثقافي‭ ‬البريطاني،‭ ‬حيث‭ ‬عكف‭ ‬على‭ ‬مراسلة‭ ‬الجامعات‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬منحة‭ ‬دراسية،‭ ‬فحصل‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬البنجاب‭ ‬في‭ ‬لاهور‭ ‬الباكستانية‭ ‬في‭ ‬تخصص‭ ‬الاقتصاد‭.‬

من‭ ‬البحرين‭ ‬لباكستان

وفي‭ ‬العام‭ ‬1961‭ ‬غادر‭ ‬عبدالحسين‭ ‬ميرزا‭ ‬البحرين‭ ‬متوجهًا‭ ‬إلى‭ ‬لاهور‭ ‬لاستكمال‭ ‬دراسته‭ ‬الجامعية،‭ ‬وكان‭ ‬يرهب‭ ‬ركوب‭ ‬الطائرات‭ ‬لكنه‭ ‬تغلب‭ ‬على‭ ‬خوفه‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحصيل‭ ‬العلم،‭ ‬إذ‭ ‬سكن‭ ‬في‭ ‬سكن‭ ‬داخلي‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬غير‭ ‬مريحة،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬التفوق‭ ‬على‭ ‬زملائه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬العام‭ ‬1962‭ ‬لقضاء‭ ‬فترة‭ ‬الإجازة‭.‬

وخلال‭ ‬فترة‭ ‬الإجازة‭ ‬التحق‭ ‬للعمل‭ ‬بدوام‭ ‬جزئي‭ ‬في‭ ‬“بابكو”‭ ‬لتدريس‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬برفقته‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬السابق‭ ‬إبراهيم‭ ‬عبدالكريم،‭ ‬ووزير‭ ‬التجارة‭ ‬السابق‭ ‬حبيب‭ ‬قاسم‭.‬

وخلال‭ ‬فترة‭ ‬عمله‭ ‬الصيفي‭ ‬أُعجب‭ ‬به‭ ‬مدير‭ ‬معهد‭ ‬التدريب‭ ‬في‭ ‬بابكو‭ ‬وقدراته‭ ‬وحصوله‭ ‬على‭ ‬شهادات‭ ‬من‭ ‬بريطانيا،‭ ‬وعرض‭ ‬عليه‭ ‬إرساله‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬شريطة‭ ‬التحاقه‭ ‬بـ‭ ‬”بابكو”،‭ ‬وفعلا‭ ‬بتاريخ‭ ‬6‭ ‬سبتمبر‭ ‬1962‭ ‬التحق‭ ‬ميرزا‭ ‬رسميا‭ ‬ببابكو‭ ‬موظفا‭ ‬متدربا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إرساله‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1965‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬على‭ ‬نفقة‭ ‬الشركة،‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬الدبلوم‭ ‬الوطنية‭ ‬وشهادة‭ ‬الزمالة‭ ‬في‭ ‬المحاسبة‭ ‬الإدارية‭.‬

العودة‭ ‬من‭ ‬لندن

وفي‭ ‬العام‭ ‬1971‭ ‬عاد‭ ‬عبدالحسين‭ ‬ميرزا‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬بعد‭ ‬إنهائه‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬عاصمة‭ ‬الضباب،‭ ‬وحينها‭ ‬كانت‭ ‬البحرين‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬استقطاب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المصرفية‭ ‬المقبلة‭ ‬من‭ ‬بيروت‭ ‬إبان‭ ‬فترة‭ ‬الحرب،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البنوك‭ ‬العالمية‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬مقرات‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وقدمت‭ ‬عروضا‭ ‬مغرية‭ ‬لحملة‭ ‬الشهادات‭ ‬خصوصا‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬“بابكو”،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬زملائه‭ ‬فضلوا‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يمنح‭ ‬أجورا‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬400‭ ‬دينار‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬بابكو‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقدم‭ ‬راتبا‭ ‬شهريا‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬150‭ ‬دينارا‭.‬

ورغم‭ ‬العروض‭ ‬السخية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ميرزا‭ ‬فضل‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬“بابكو”‭ ‬ليبدأ‭ ‬التدرج‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬الإدارية‭ ‬وصعود‭ ‬السلم‭ ‬الوظيفي،‭ ‬حيث‭ ‬تدرج‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬مجموعة‭ ‬إلى‭ ‬مشرف،‭ ‬ثم‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬مساعد‭ ‬للشؤون‭ ‬المالية‭ ‬والمعلومات‭.‬

وخلال‭ ‬العام‭ ‬1976‭ ‬تم‭ ‬اختيار‭ ‬ميرزا‭ ‬ليكون‭ ‬أول‭ ‬موظف‭ ‬ضمن‭ ‬فريق‭ ‬الإدارة‭ ‬الدولية‭ (‬كالتكس‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬الشركة‭ ‬الأميركية‭ ‬تمتلك‭ ‬“بابكو”،‭ ‬ولديها‭ ‬فروع‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬دولة‭.‬

سافر‭ ‬ميرزا‭ ‬مع‭ ‬“كالتكس”‭ ‬كمسؤول‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬التابعة‭ ‬للشركة‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬ومصر‭ ‬وكينيا‭ (‬نيروبي‭) ‬ومدغشقر‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المكتب‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬نيويورك،‭ ‬حيث‭ ‬اكتسب‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬خبرة‭ ‬إدارية‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬المغامرات‭.‬

خطر‭ ‬الاختطاف‭ ‬لطلب‭ ‬الفدية

يروى‭ ‬ميرزا‭ ‬إحدى‭ ‬مغامراته‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬إلى‭ ‬مدغشقر،‭ ‬حيث‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬الشركة‭ ‬الأميركية‭ ‬مع‭ ‬زميليه،‭ ‬وهما‭ ‬أميركي‭ ‬وأسترالي،‭ ‬كتابة‭ ‬تقرير‭ ‬إداري‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬الشركة‭ ‬هناك،‭ ‬وخلال‭ ‬مكوثه‭ ‬هناك‭ ‬حصل‭ ‬انقلاب‭ ‬عسكري،‭ ‬قام‭ ‬على‭ ‬إثره‭ ‬بتأميم‭ ‬شركات‭ ‬النفط‭ ‬الأجنبية‭. ‬وطلبت‭ ‬سلطات‭ ‬مدغشقر‭ ‬حينها‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬“كالتكس”‭ ‬تسديد‭ ‬80‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬قيل‭ ‬إنها‭ ‬نتيجة‭ ‬التهرب‭ ‬الضريبي،‭ ‬حيث‭ ‬طلبت‭ ‬منهم‭ ‬الشركة‭ ‬الهرب‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬بأي‭ ‬طريقة،‭ ‬وكانت‭ ‬أقرب‭ ‬طائرة‭ ‬بجزيرة‭ ‬“ليونيل”‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إدخال‭ ‬زملائه،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يؤذن‭ ‬له‭ ‬بالدخول‭ ‬وطلبوا‭ ‬منه‭ ‬العودة‭ ‬لمدغشقر،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬يعرفون‭ ‬بوجود‭ ‬دولة‭ ‬اسمها‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬حينها،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقنعهم‭ ‬بأن‭ ‬البحرين‭ ‬تصدر‭ ‬لهم‭ ‬مشتقات‭ ‬نفطية‭ ‬فوافقوا‭ ‬شريطة‭ ‬وجود‭ ‬ضمانات‭.‬

وفي‭ ‬1976‭ ‬كان‭ ‬ميرزا‭ ‬أول‭ ‬مسؤول‭ ‬تنتدبه‭ ‬“بابكو”‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬“كالتكس”‭ ‬بصفة‭ ‬مستشار‭ ‬مالي‭ ‬لكالتكس‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬مقرها‭ ‬في‭ ‬نيويورك،‭ ‬حيث‭ ‬ترأس‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬غربية‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

كسر‭ ‬احتكار‭ ‬الأميركيين

وفي‭ ‬1980‭ ‬عاد‭ ‬ميرزا‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬ليكون‭ ‬أول‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬بحريني‭ ‬في‭ ‬“بابكو”،‭ ‬حيث‭ ‬تولى‭ ‬الشؤون‭ ‬المالية‭ ‬والقانونية‭ ‬في‭ ‬الشركة،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬الأميركية،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬يجمع‭ ‬جميع‭ ‬الأسرار‭ ‬المالية‭ ‬والقانونية‭ ‬في‭ ‬الشركة‭.‬

تقليص‭ ‬تكاليف‭ ‬“بابكو”

وفي‭ ‬العام‭ ‬1983‭ ‬مر‭ ‬عبدالحسين‭ ‬ميرزا‭ ‬بمرحلة‭ ‬حساسة‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬“بابكو”،‭ ‬حيث‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬الإدارة‭ ‬تقليص‭ ‬النفقات‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬انهيار‭ ‬النفط‭ ‬حينها،‭ ‬ومنها‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الخدمات‭ ‬مثل‭ ‬مدرسة‭ ‬بابكو،‭ ‬مستشفى‭ ‬عوالي،‭ ‬وخدمات‭ ‬المواصلات‭ ‬وخدمات‭ ‬المالية‭.‬

فبدأ‭ ‬في‭ ‬تعهيد‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬مثل‭ ‬خدمة‭ ‬الحافلات،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬تمتلك‭ ‬“بابكو”‭ ‬نحو‭ ‬600‭ ‬حافلة‭ ‬للنقل،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تعهيد‭ ‬بعض‭ ‬الخدمات‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬“جواد”‭ ‬و‭ ‬”بنك‭ ‬البحرين‭ ‬الوطني”‭. ‬

كما‭ ‬تم‭ ‬فتح‭ ‬المستشفى‭ ‬للعلاج‭ ‬لغير‭ ‬الموظفين‭ ‬وتدريب‭ ‬مبتعثين‭ ‬من‭ ‬أرامكو،‭ ‬وذلك‭ ‬لتحقيق‭ ‬الإيرادات،‭ ‬وتلافي‭ ‬إغلاق‭ ‬منشآت‭ ‬التدريب‭ ‬والمستشفى‭.‬

وتقديرا‭ ‬لإنجازه‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬النفقات،‭ ‬تم‭ ‬تنصيب‭ ‬ميرزا‭ ‬ليكون‭ ‬أول‭ ‬بحريني‭ ‬يتولى‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬“بابكو”‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1998‭.‬

نقلة‭ ‬نوعية

يسلط‭ ‬ميرزا‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بالنقلة‭ ‬النوعية،‭ ‬حين‭ ‬شرفه‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬بتعيينه‭ ‬وزيرا‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2002،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬مدير‭ ‬مكتبه‭ ‬حينها‭ ‬رئيس‭ ‬البرلمان‭ ‬العربي‭ ‬حاليا‭ ‬عادل‭ ‬العسومي‭.‬

ويسرد‭ ‬ميرزا‭ ‬تجربته‭ ‬مع‭ ‬إنشاء‭ ‬مجلس‭ ‬المناقصات‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬أيضا‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬العقود‭ ‬الحكومية،‭ ‬فبدأ‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تأسيسه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2003‭ ‬من‭ ‬مكتب‭ ‬متواضع‭ ‬في‭ ‬“التسجيل‭ ‬العقاري”‭ ‬ثم‭ ‬مركز‭ ‬المعارض،‭ ‬ليرفع‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مؤشرات‭ ‬الشفافية‭ ‬والنزاهة‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬استطاع‭ ‬توفير‭ ‬ملايين‭ ‬الدنانير‭ ‬للحكومة،‭ ‬وأصبح‭ ‬المقاولون‭ ‬يطلعون‭ ‬على‭ ‬عروض‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬بشفافية،‭ ‬ما‭ ‬رفع‭ ‬حدة‭ ‬المنافسة،‭ ‬وحدا‭ ‬بهم‭ ‬لتقديم‭ ‬أفضل‭ ‬الأسعار‭.‬

مشروع‭ ‬إنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬النفط‭ ‬والغاز

ورغم‭ ‬زحمة‭ ‬عمله‭ ‬الحكومي،‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬ميزرا‭ ‬عن‭ ‬استكمال‭ ‬دراساته‭ ‬الجامعية‭ ‬العليا‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2003‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬“ميدلسيس”‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬إدارة‭ ‬التغيير‭.‬

وفي‭ ‬2005‭ ‬عين‭ ‬ميرزا‭ ‬ليكون‭ ‬وزير‭ ‬دولة‭ ‬لشؤون‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬التنسيق‭ ‬للأجندة‭ ‬والموضوعات‭ ‬المطروحة‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭.‬

وفي‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬طلب‭ ‬منه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬إعداد‭ ‬تصور‭ ‬عن‭ ‬تطوير‭ ‬وتنشيط‭ ‬قطاع‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬بحكم‭ ‬خبرته‭ ‬في‭ ‬“بابكو”،‭ ‬حيث‭ ‬قدم‭ ‬ميرزا‭ ‬لجلالته‭ ‬مقترحين‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بينهما‭ ‬إنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬والتي‭ ‬وافق‭ ‬عليها‭ ‬جلالته‭.‬

وعمل‭ ‬ميرزا‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬للهيئة‭ ‬من‭ ‬“التكنوقراط”‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬رؤساء‭ ‬تنفيذيون‭ ‬للشركات‭ ‬النفطية‭ ‬و‭ ‬”البا”‭ ‬ومحافظ‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬ومسؤول‭ ‬في‭ ‬“كالتكس”‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬نهضة‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬النفطية‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬اليوم،‭ ‬وخلق‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬النفطية‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬شركة‭ ‬“تطوير‭ ‬للبترول”‭ ‬وتوسعة‭ ‬غاز‭ ‬البحرين‭ ‬الوطنية،‭ ‬وشركة‭ ‬البحرين‭ ‬لزيوت‭ ‬التشحيم،‭ ‬وشركة‭ ‬وقود‭ ‬الطائرات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬جذب‭ ‬شركات‭ ‬عالمية‭ ‬وتحقيق‭ ‬نجاحات‭ ‬متوالية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنقيب‭.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬النفطية‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬في‭ ‬2005،‭ ‬عرضت‭ ‬3‭ ‬أهداف‭ ‬استراتيجية‭ ‬بمشروعات‭ ‬بلغ‭ ‬مجموعها‭ ‬14‭.‬

واستعرض‭ ‬ميرزا‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬هيئة‭ ‬الطاقة‭ ‬المستدامة،‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المشروعات،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬وضع‭ ‬هدف‭ ‬رسمي‭ ‬لبلوغه،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬وافتتاح‭ ‬مصنعين‭ ‬لصناعة‭ ‬الألواح‭ ‬الشمسية‭.‬

وألف‭ ‬ميرزا‭ ‬خلال‭ ‬مسيرته‭ ‬المهنية‭ ‬4‭ ‬كتب‭ ‬ونشط‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬والأعمال‭ ‬الخيرية،‭ ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬مسيرته‭ ‬المهنية‭ ‬عند‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬اختاره‭ ‬ممثل‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬للأعمال‭ ‬الانسانية‭ ‬وشؤون‭ ‬الشباب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الشركة‭ ‬القابضة‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ليكون‭ ‬مستشارًا‭ ‬لمجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الشركة‭.‬

التطوير‭ ‬يتطلب‭ ‬تغيير

وفي‭ ‬ختام‭ ‬الأمسية‭ ‬الإدارية،‭ ‬قدم‭ ‬ميرزا‭ ‬خلاصة‭ ‬تجربته،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التطوير‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬التغيير،‭ ‬مبينا‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليأتي‭ ‬بعمله‭ ‬الفردي‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬والخبراء‭ ‬يعملون‭ ‬ضمن‭ ‬روح‭ ‬الفريق‭ ‬الواحد‭.‬

كما‭ ‬أكد‭ ‬ضرورة‭ ‬التحلي‭ ‬بالصبر‭ ‬والمثابرة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬وجعلها‭ ‬واقعا،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬قيادة‭ ‬رشيدة‭ ‬تعطي‭ ‬الفرصة‭ ‬للكفاءات‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مستوياتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والعلمية‭.‬