العدد 5231
الخميس 09 فبراير 2023
banner
الزمن يمضي ولا حيلة لنا في إيقافه
الخميس 09 فبراير 2023

كتب يونيسكو “المسرح عندي إسقاط لعالمي الداخلي، إسقاط لأحلامي وقلقي ورغباتي وتناقضاتي الداخلية.. إن عالمي هذا جزء من ميراث الأجداد، لكل فرد من البشر نصيب فيه”.
وكان حتما أن ترتبط مسرحياته وقد بدأ الكتابة في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية بظاهرة العبث، كما تحددت في كتابات عدد من الكتاب الفرنسيين، ورغم أن هذا المفهوم لم يكن جديدا على العالم ولا على الأدب الفرنسي وقتئذ، إلا أنه ارتبط باسم البير كامو بعد أن كتب مقالا عن العبث ثم “أسطورة سيزيف”، ويصف كامو في كتابه تلك الهوة الدائمة التي لا يمكن عبورها بين الذات وما يحيطها، وليس الكتاب إلا تناولا فكريا لهذه الظاهرة، بل خبرة شخصية بها.. إنه إحساس بالعبث وليس فلسفة له.
العبث إحساس أولا، وعي بيأس الإنسان الممزق بين أحلامه وإمكانياته، وتلك سمة إنسانية، أن تحقق أحلام الإنسان فوق العالم كله، وتقف إمكانياته عاجزة عن التحقيق، والوعي بهذا اليأس يتحقق من خلال وجود معقل محيط تفقد فيه الحياة التي نعيشها كل يوم دلالتها ومعناها. والزمن يمضي، لا حيلة لنا في إيقافه، ويبقى الإنسان عاجزا عن إقامة التواصل خارج ذاته، مقيدا بمطالب جسده، عاجزا عن إسقاط وعيه على الأشياء المحيطة به، فتظل جامدة لا تقدم له العون.
هذا هو الإطار الذي ارتبطت به أعمال يونيسكو، لكنه لم يدخل المسرح ومعه الوسيلة البدائية للإحساس بعبث الوجود، أي الدهشة فقط، بل معه حيل ووسائل أخرى.
في مسرحية من مسرحياته شخصية تعلن فشل اللغة وإخفاقها في تحقيق التواصل. بيرنجز يقول كلمات غير مفهومة قرب نهاية القاتل.. وخطيب أصم أبكم يقف ليعبر عن نفسه في “الكراسي”، ويونيسكو نفسه عجز عن تحقيق التواصل بينه وبين النقاد في خطبه مرتجلة، وللضحك عنده دلالة أخرى أكثر من مجرد إدراك العبث أو الإحساس به.. إنه خلاص من الإحباط.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية