التحول الرقمي (Digital Transformation) هو عملية استخدام التكنولوجيا لتغيير الطريقة التي تعمل بها المؤسسات بشكل جذري، لقد أصبح موضوعًا مهمًا للعديد من المؤسسات (الخاصة والحكومية)، حيث إن الكثير منها يتطلع إلى تحسين الكفاءة وخفض التكاليف وخدمة العملاء بشكل أفضل في هذا العصر الرقمي السريع، ومع ذلك، للأسف، فقد أصبح أيضًا دعاية لشركات الاستشارات الإدارية، والكثير منها يقوم باستغلال هذا التوجه، لنرى كيف تقوم بذلك.
سارعت شركات الاستشارات الإدارية إلى الاستفادة من الاهتمام المتزايد بالتحول الرقمي، ووضعوا أنفسهم كخبراء في هذا المجال، وهذا غريب جدا، حيث إن الكثير منهم يقومون بتوظيف “الاستشاريين” فقط عندما يقومون بالحصول على هذه الفرص التجارية. ما تقوم به هذه الشركات بالتسويق له هو أنهم يقدمون مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك تطوير الإستراتيجية والتنفيذ والدعم المستمر، وتقوم هذه الشركات بتقديم “وعود” شبه واهية أحيانا لمساعدة المؤسسات على “التحول” و”الرقمنة”، ونتيجة لحجم هذه الشركات، يمكنهم فرض رسوم عالية مقابل خدماتهم.
ومع ذلك، في حين أن التحول الرقمي هو قضية حقيقية ومهمة للعديد من المنظمات، فإن الطريقة التي تقدم بها شركات الاستشارات الإدارية قد تكون مضللة. غالبًا ما يقدمون التحول الرقمي كحل واحد يناسب الجميع ويمكن تحقيقه بسهولة من خلال خدماتهم وخبرائهم. أما في الواقع، فيعتبر التحول الرقمي عملية معقدة ومستمرة تتطلب موارد كبيرة وخبرة والتزامًا من المنظمات، فتغيير عقلية وثقافة المؤسسات هي من أصعب التحديات، ومن رأيي المتواضع، فتغيير الثقافة المؤسسية قد يكون أصعب من التحديات التقنية أحيانا.
علاوة على ذلك، فإن العديد من شركات الاستشارات الإدارية هذه لديها خبرة محدودة في التحول الرقمي وقليل منها نفذ التحول الرقمي بنجاح في شركته الاستشارية الخاصة، وغالبًا ما تعتمد هذه الشركات على عرض تقديمي للمبيعات بدلاً من فهم حقيقي لاحتياجات الشركة، وقد لا يتمتعون بالخبرة أو الخبرة المحددة المطلوبة لمساعدة المؤسسات على التحول حقًا، وما يسعف هذه الشركات للحصول على هذه الفرص هو خلطة من “اللهجة الأجنبية” و”كلمات رنانة”. أتمنى من أصحاب القرار رؤية أبعد من هذه “الأدوات”، فيوجد بحرينيون بكفاءة عالية، لكن بعض من هذه المؤسسات يكون جل اهتمامها هو العمل مع شركات من قارات أخرى، لكي ترضي إداراتها.
تركز شركات الاستشارات الإدارية على الجانب التكنولوجي للتحول الرقمي، ولكنها تهمل التغييرات الثقافية والتنظيمية المطلوبة لنجاح التحول الرقمي. لا يقتصر التحول الرقمي على شراء أحدث البرامج أو تنفيذ أنظمة جديدة فحسب، بل يتعلق بتغيير الطريقة التي تعمل بها الأعمال وكيفية عمل الموظفين وتفكيرهم وتعاونهم. التحول الرقمي هو حقيقية مهمة للعديد من المنظمات، ولكن تطبيق هذا المفهوم يحتاج إلى حنكة ورؤية حقيقية، ولن تحصل على هذا الشيء عندما تكون أغلبية من هم في الإدارة ممن حصلوا على الفيتامين “و” بشناعة.