العدد 5239
الجمعة 17 فبراير 2023
banner
أخطاء تشريح النص المسرحي
الجمعة 17 فبراير 2023

لفت انتباهي أن بعض الكتاب من الشباب المجتهد يفرد مساحة في حسابه بوسائل التواصل الاجتماعي للتعقيب أو التعليق المسهب على مسرحية شاهدها، وأكثر ما يسلط الضوء عليه هو مؤلف المسرحية وجذور الأفكار، ومع كل أسف الكثير منهم لا يقترب من تشريح النص ولا تفسير الفكرة بالصورة الصحيحة. 
لذلك نقول إن المسرحية تعتمد قدر الإمكان على الفكرة التي تعالجها في إطار من الصراع، ونعني به الصراع الداخلي بين قوتين متنازعتين في كيان واحد، وهو الصراع الذي يصور الحقيقة ويبرزها، هذا بالإضافة إلى الصراع الخارجي بين شخصيات الحدث، واختلاف منازعهم وأهدافهم.
إن الأركان التي تتألف منها المسرحية المؤلفة هي، الفكرة، والشخصيات، والمواقف ثم اللغة. هذا بالإضافة إلى وحدات المسرحية التقليدية الثلاث، وحدة الزمن، ووحدة المكان، والحدث. إن كانت المسرحية الحديثة قد ثارت على تلك الوحدات منذ ظهور الحركة الرومانتيكية في أوروبا وثورتها على القواعد الكلاسيكية الموروثة بما فيها قواعد المسرح، والتي قننها القدماء.
وفي نقدنا للتأليف لابد من مراعاة هذه الأمور مجتمعة، ارتباط حلقات الفكرة، والعقدة المسرحية، وتأزم الأحداث، وكيف هيئت وحلت. والفن المسرحي فن قائم أساسا على العموم أو ما يسمى بالتجريد وهو إحالة الاهتمامات الجزئية إلى شيء عام كلي، فالكاتب المسرحي عندنا يصور لنا إنسانا من ناحية ما، إنما يهدف من هذا إلى تصوير الكل البشري من هذه الناحية، ومن ثم امتازت شخصيات شكسبير بالخلود، ذلك أنها تصور نماذج كلية، يتثمل فيها الشر أو الخير أو نقاء الضمير لا كما توجد في الأشخاص العاديين، حيث يضم كل شخص أشتاتا من الغرائز، إنما تصوره ككل جامع لصفة معينة واحدة. 
ثم المواءمة بين الفكرة والمواقف، إذ لابد من التركيز على المواقف البارزة في المسرحية، ثم تأتي مشكلة أخرى وهي اللغة أو الحوار أو كما يقولون لابد من ملاءمة اللغة للموضوع، وهناك الكثير ممن ينادون بأن تكتب المسرحية باللغة الفصحى، لكن الواقع أن اللغة الفصحى وإن نجحت إلى حد ما في التراجيديا إلا أنها لا تصلح إطلاقا للكوميديا.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .