العدد 5241
الأحد 19 فبراير 2023
banner
قتل الموهبة بنظريات متوارثة
الأحد 19 فبراير 2023

ما نعيشه نحن لا يمكن أن يعيشه الأبناء، ومحاولة فرض نظريات متوارثة على الأبناء وتلقينهم معارف تجاوزها عصرهم من أكبر الأخطاء التي تلعب دورا سلبيا في التنشئة، فهناك آباء مازالوا متمسكين بحجج واهية في تربية أبنائهم، ويحاولون فلسفة كل شيء بمنطق يقرونه.. الحساب لكل خطوة وتصرف، مراقبة حلهم وترحالهم.. تجنيد مئات العيون لحراستهم، ما ينقص فقط هو ربط الواحد منهم بكرسيه وعدم السماح له بالخروج من المنزل.
لا يمكننا أن نغفل بحال من الأحوال كما يؤكد الكثير من الأساتذة والمتخصصين أهمية البعد الدينامي في التنشئة الحديثة، أي أهمية الإقرار بأن الطفل الذي يتعامل معه الأبوان، ويحاولان إكسابه عادات وأساليب سلوكية معتمدة من المجتمع ليس مجرد أداة، بل إنسان فرد له قدرات فردية ومزاج فردي وردود أفعال فردية، ومن المهم أخذ هذه الحقيقة في الاعتبار، ومحاولة تنمية هذه القدرات الفردية ودعمها وترسيخها، وإيجاد هذا التوازن الدقيق ما بين تزويد الطفل بقيم مجتمعه ومعاييره وتراثه الثقافي، والإبقاء على ما هو فردي وفريد فيه، وتنمية قدراته على التفكير العلمي المستقل والقدرة النقدية على التغيير.. تلك القدرات التي تمكنه من التفاعل مع مجتمعه تفاعلا خلاقا، والدفع بهذا المجتمع إلى الأمام والأفضل.
والبعد الثقافي في التنشئة الاجتماعية لابد أن يوازي البعد الدينامي، والإقرار بالاستقلال النسبي للطفل الفرد، والبعد الدينامي موجود كعنصر أساسي في التربية وعينا هذه الحقيقة أم لم نعها، ومحاولة الأسرة إملاء أنماط سلوكية متوارثة وقيم متوارثة على الطفل، قد تنجح جزئيا، وقد لا تنجح على الإطلاق، ما لم تع الأسرة أن الطفل فرد له استقلاله النسبي في المجال الحيوي الذي يجمع بينه وبين بيئته.
كم من طفل قتلت فيه موهبة بسبب التنشئة وإبعاده عن إشباع حاجته، ولأن أباه - أو أمه - يريد أن يكون كذا أو كذا، حيث يضعه في الجانب الثالث من الحياة بكل الصيغ والأساليب في اعتقاد منه بأنه سيظهر متميزا عن باقي الأطفال.
*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية