العدد 5245
الخميس 23 فبراير 2023
banner
ليس ثمة فصل ثالث في الحياة
الخميس 23 فبراير 2023

ليس من الممكن اليوم أن يجلس الجمهور لمدة ثلاث أو أربع ساعات لمشاهدة مسرحية ما، فهذا الاتجاه ولى واختفى في كثير من الدول التي تعرف وتشتهر بالحراك المسرحي الثري كفرنسا وأميركا وألمانيا وغيرها، بينما لا نزال في دولنا العربية وبأدلة دامغة متمسكين بالعروض الطويلة والتقاليد القديمة في المسرح النخبوي والمسرح التجاري.


الحق أن الشكل المطول للمسرحية لم يعد أثيرا لدى كتاب المسرح المعاصرين، وبمعنى آخر لم تعد للفصل الثالث أو الخامس أهمية في المسرحية اليوم، ولعل الكاتب الإنجليزي جون أسبورن أول من أعلن من المعاصرين أنه ليس ثمة فصل ثالث في الحياة، ذلك أن الاعتقاد بوجود الحلول لم يعد موثوقا به، بل إنك إذا حللت مشكلات الناس أو الحياة على المسرح لذهب الناس إلى بيوتهم دون أن يصدقوك.


لقد روى سير لورانس أولييفيه في حديث نشر له في ملحق ثقافي قصة مؤلف من مؤلفي القرن العشرين الماضي، سألته سيدة يوما عن الطريقة التي يكتب بها مسرحياته، فابتسم المؤلف الذي لا يذكر أولييفيه اسمه وقال “أوه، المسألة بسيطة يا سيدتي.. في الفصل الأول أضع بطلي على شجرة، وفي الثاني أرميه بالحجارة، وفي الثالث انزله من على الشجرة.

ويعلق أولييفيه على هذا بأنه ليس في الإمكان اليوم هذا الذي كان بالأمس، فقد أصبحت المسرحيات من فصلين أو من فصل واحد، ينتهيان أو ينتهي بعلامة استفهام، لا يعود معها مكان للحلول السعيدة، ولقد كانت محاولات الفرنسيين بصفة خاصة عاملا مهما في تقويض صرح المسرحية الطويلة ذات الفصل ذي الحل، فيونيسكو وبيكيت لا يستهويهما الفصل الثالث بقدر ما تستهويهما إثارة الأسئلة ورسم علامات الاستفهام وتحريك مشاعر الجمهور وأفكاره، وحين انتقلت المحاولة إلى أميركا ووجدت صدى لدى فريق من الشباب الطليعي الساخط تشبث بها هؤلاء ومارسوها ووجدوا فيها ضالتهم.


*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية