لكل حادثة أسباب متعددة ودوافع معقدة، كما أن نتائج كل حادثة قد تباين نتائج غيرها، فقد تكون نتائجها متعددة أو محدودة، كبيرة أو تافهة آنية، أو بعيدة المدى، بعضها ظاهر يسهل إدراكه، وبعضها خفي يتطلب ذكاء وفطنة لكشفه وإظهاره.

الكاتب السوري إحسان مراش قفز من بطن الشمس الحارقة حاملا حقائق ثابتة عن مجتمعاتنا العربية والأوضاع القائمة، ومشاكلنا والتوصل إلى أسبابها ونتائجها ومن ثم بيان قيمتها وأهميتها، ولم يتحدث مراش عن مذاهب فلسفية وآراء حزبية ونظريات علمية واختلافات طائفية، إنما فتح لنا كتابا عن أوضاعنا المتشابكة في كل ميدان.

يقول مراش: “لقد آن لنا نحن العرب أن ننتقل من مرحلة تاريخية إلى أخرى، فنحن مازلنا إلى اليوم نخاف على الحياة، عوضا عن أن نشغف بحركتها، مع أن دواعي هذا الخوف “الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية” قد زالت اليوم، ومع أننا أحوج الناس إلى السير إلى المستقبل.. تسكننا هموم حفظ البقاء، بينما زالت أسبابها عن الكثيرين، ننوء بأثقال معنوية وأخلاقية، ورثناها عن عصور العجز والقعود، ولم يعد يعجزنا ويقعدنا سوى حمل هذه الأثقال، نخاف من الطبيعة كعدو، بينما هي أصبحت صديقا، ونتمسك بمجتمعنا الراهن كصديق، بينما أمسى هو العدو، نقيم جدارا أمام رياح الحياة، بينما يكفي أن نمد لها شراعنا، نخجل ونستحي ونتستر على حاجاتنا، بينما يجب أن يدوي صوتها في أرجاء المجتمع، ونبجل سقف حياتنا الحاضرة، بينما يجب أن ننسف هذا السقف.

وننظر إلى مجرى الأمور من ثقب الباب، نستهول ونذعن لجميع ما يجري فيه، عوضا عن أن نرسم ونصنع هذا المجرى بأنفسنا وفق ما نريد وننشد الوصول إليه”.

هكذا على ما يبدو نحن العرب.. نتنفس ببطء ونهمس في أذن بعضنا البعض من الخوف. تضيق الحلقة من حولنا رويدا رويدا ونضحك.

* كاتب بحريني