العدد 5248
الأحد 26 فبراير 2023
banner
لم يعد للثقافة والفن حظ وافر في حياة الناس
الأحد 26 فبراير 2023

كان الأدب والفن يؤثران في واقعنا المحلي بشكل كبير، خصوصا في مرحلة الستينات والسبعينات، ولم يكن الأمر يتعلق بنخبة قليلة من المتذوقين، بل كان قطاع عريض من الجماهير يتفاعل بما يملك من مستوى إدراك حسي وجمالي، وكانت صالات الأندية والجمعيات الثقافية تغص بالجماهير لحضور أمسية شعرية، أو ندوة ثقافية وحتى معرض تشكيلي، وكان الأدب والفن ينبعان من الحياة الداخلية للناس آنذاك والثقافة الجماهيرية في أوج عنفوانها وليس للصفوة والخاصة من أهل الفكر والذوق.


اليوم انقلب كل شيء ولم تعد الثقافة الجماهيرية مثل السابق، وابتعد الناس عن الفن والأدب، وتعمقت الهوة وتحولت إلى صدع لا يمكن جبره، بل وانحدر مستوى الأذواق الفنية والثقافية بدخول حشد من المهرجين أطلقوا على أنفسهم “الكتاب والشعراء والأدباء”، وساعدتهم بعض دور النشر المتخلفة في نشر هرائهم، حيث هناك كتب كثيرة لا جدوى منها ثقافيا أو أدبيا، وتجد طريقها إلى المطبعة أو المكتبة، وهذه الأخطاء الفادحة ناجمة عن بواعث تجارية وأخطاء في التقييم لدى المشرفين على الإصدارات.


في بلغاريا مازالت تنتشر القاعات العامة التي يطالع فيها الأدباء نصوصا من أعمالهم التي نشرت أو لم تنشر على السواء نظير أجر، وتكتظ هذه القاعات بالمستمعين في جميع أيام السنة، وهناك يسمع الناس في كثير من الأحيان نصوصا مترجمة من كبار الأدباء الأجانب، بل إن أحد أعمال برنادشو تكرر إلقاؤه في تلك القاعات أكثر من مئة يوم متتال، وهذا دليل على قوة الوعي الجماهيري، ويبرهن على تذوق الناس الشعر، خصوصا وأنه أرفع الفنون الأدبية وأحوجها إلى الاستعداد الفني، ويلقبونه أيضا بالأدب الشاق.


لقد اختلطت المعايير اليوم نتيجة الفوضى، وخرجت لنا هياكل متنكرة على هيئة أدب وفن، وتقوقع الناس على ذواتهم ولم يعد للثقافة والفن حظ وافر في حياتهم مثل السابق، وعلى ما يبدو نحن بحاجة إلى اختراع جديد يعيد الناس إلى ذلك الاهتمام.

*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .