العدد 5253
الجمعة 03 مارس 2023
banner
لكل مجتمع طريقته في فهم الأخلاق
الجمعة 03 مارس 2023

دار نقاش بيني وبين أحد الكتاب المسرحيين العرب في جلسات مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، ولم أتفاجأ عندما ذكر أن مسرحيته منعت من العرض في بداية السبعينات نتيجة ضغط المتزمتين، لكنها عرضت بعد ذلك في التسعينات وحققت نجاحا وحضورا قويا في المجتمع، وكأن هناك تحولا حصل في كل شيء.


إن هذا الحدث الذي ذكره الكاتب يدفعنا إلى القول إن المعايير الأخلاقية تتفاوت وتختلف من زمن إلى زمن، ومن مكان إلى آخر، فما قد يخدش الحياء في مجتمع قد لا يبدو كذلك في مجتمع آخر، والعيب في زمن قد يصبح مألوفا بعد مضي فترة من الزمان، نعني أن لكل مجتمع طريقته في فهم الأخلاق، وعلى ذلك فمن الممكن أن يصدر الحكم على إحدى المسرحيات بعد خمس سنوات أو بعد مئة سنة بأنها مسرحية منحرفة أو بريئة وكان الحكم عليها يختلف قبل ذلك.


فمثلا ما هو حكم المتزمتين على أعمال الكاتب المسرحي الإيطالي جولدوني في القرن الثامن عشر. قالوا عنه إنه من المفسدين للأخلاق، وما هي منزلة جولدوني نفسه في القرن التاسع عشر، مؤلف هادئ يكتب للأسرة. وماذا وصف المتزمتون مسرحيات عادل إمام قبل عدة سنوات وكيف روجوا لغبائهم وتحجر عقولهم.


وليس من العسير ذكر العديد من الأمثلة، بل في الاستطاعة القول إن كثيرا من المؤلفات الكوميدية التي توصف بأنها لا أخلاقية، قد تثير الضحك، لكنها لا تفسد أخلاق أحد أو تؤثر على سلوك أي شخص، ونذهب إلى أبعد من ذلك فنقول إن أي مشهد غرامي في مسرحية لا يحدث من التأثير في المشاهد مثل ما يحدثه تتابع الحوادث الغرامية في أي من الأفلام السينمائية العادية، أعني الأفلام التي لا تعتمد أساسا على الإثارة.


والواقع أن المسرح بمعناه العام غير عاجز عن الاحتفاظ بالارتباطات الوثيقة وبمعاهدات حسن الجوار بينه وبين الأخلاق العامة، لكن الحقيقة أيضا أن المسرح لا يمكن أن يكون معرضا للفضيلة وحسب.


* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية