العدد 5255
الأحد 05 مارس 2023
banner
ليلة في تأبين العزيز
الأحد 05 مارس 2023

كانت ليلة في تأبين أخ عزيز، وفقيد غالٍ، وصنوان لطريق طويل مشيناه معًا، وكافحنا فيه معًا، وافتقدنا بعضنا البعض بعده معًا، نعم .. إنه الصديق الراحل رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد للتسامح والتعايش السلمي الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة رحمه الله الذي رحل عن عالمنا فجأة وترك لنا إرثًا من المحبة والذكريات الحلوة والكفاح من أجل إعلاء كلمة الحق، وتنوير المجتمع وتطوير التعليم العالي.


لقد كان التأبين مُهابًا، والحضور كثيفًا، والكلمات والقصائد الملقاة موحية ومعبرة عن مسيرة رجل، ورسالة علم، يتقدمهم رئيس مجلس الشورى السيد علي بن صالح الصالح ولفيف من رجال الأسرة الحاكمة الكريمة وعدد من رجال المال والأعمال والتجارة والأكاديميين وأساتذة الجامعات ووجهاء المجتمع.


لطالما جمعتني بالفقيد الراحل ذكريات ومواقف، ولطالما كنا على درب الوصول يدًا بيد، منذ كنت عميدًا لشئون الطلاب بجامعة البحرين وقبلها، ومنذ كان رحمة الله عليه مديرًا للقبول والتسجيل، أتذكر كم كنا على قلب رجل واحد، وكم كانت مواقفنا في السراء والضراء حميمية وواضحة، نتطلع نحو المستقبل برؤية وروية، بأمل في غد أفضل، وعالم أجمل، وتعليم أكاديمي أكثر انضباطًا واتساقًا مع ضرورات المرحلة بل ومع معطيات المستقبل البعيد.


ومنذ بدأنا المسيرة في جامعة البحرين حتى انطلقت فكرة تأسيس أول جامعة أهلية جمعتني بالفقيد الغالي العديد من المواقف، والكثير من المفترقات التي كنا فيها معًا نتعاطى مع كل تحدٍ ونحن على أعلى درجة من المسئولية والتفاني في خدمة القطاع الذي ننتمي إليه، وأذكر كيف كان الشيخ خالد مخلصًا في الدفاع عن إيمانه بالفكرة والمبدأ ولدرجة أنه كان رغم العقبات التي وقفت في طريقنا ونحن نسعى قبل نحو ثلاثين عامًا لتأسيس أول جامعة خاصة في المملكة، كيف كان عنيدًا وصارمًا مدافعًا عن إيمانه، ومواجهًا للموانع والمعضلات بأمل أكبر، وإصرار أعظم، وقناعة أعمق، حتى خرج المشروع من رحم المشروع الإصلاحي الكبير لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، فتحول الحلم إلى حقيقة، والأمل الكبير إلى واقع أكبر وأعظم، وتم تأسيس الجامعة الأهلية استنادًا إلى المادة الأولى في ديباجة ميثاق العمل الوطني التي تسمح بتأسيس الجامعات الأهلية والخاصة باعتبار أنها مراكز إشعاع وتنوير حضاري وعلمي.


ومنذ ذلك الوقت والفقيد “الخالد” وأنا لم نفترق ولم نتنازل عن قناعاتنا بأهمية ودور القطاع الخاص والاستثمار في النهوض بالتعليم الأكاديمي بالمملكة أسوة بالدول الكبرى التي سبقتنا، وبالأمم الأعظم التي تقدمت المعمورة في العلوم والفنون والآداب.


لقد كنا على درب الوصول سويًا حتى تم تعيينه بقرار سامٍ رئيسًا لمجلس أمناء مركز الملك حمد للتسامح والتعايش السلمي، وكيف أنه كان أحد الضامنين لتأسيس الفكرة وتأصيلها وتطويرها حتى تصل للعالم أجمع، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهمنا جميعًا الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية