+A
A-

المتحف القومي للحضارة المصرية... سرد التاريخ العظيم منذ البدايات الأولى

زارت “البلاد” المتحف القومي للحضارة المصرية والذي يقع في قلب مدينة الفسطاط، عاصمة القاهرة الإسلامية القديمة.

ويعد المتحف الأول من نوعه في مصر والعالم العربي، حيث يقدم نظرة شاملة على الحضارة المصرية من عصور ما قبل التاريخ، وحتى يومنا هذا عن طريق إبراز التفاعل بين المصريين والأرض التي عاشوا عليها على مر التاريخ من خلال تسليط الضوء على التراث المادي وغير المادي لمصر.

ويحتضن المتحف مجموعة مميزة ونادرة منها قطع أثرية نادرة لجميع العصور الحضارية لمصر، منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، أهمها ما تحتضنه قاعة المومياءات الملكية والتي تضم عدد 22 مومياء لملوك مصر من الحضارة الفرعونية القديمة، منها مومياء الملكة حتشبسوت، ورمسيس الثاني.

ويقدم المتحف آثاراً أصلية بالكامل، منها هيكل عظمي يخص شاباً صغيراً عمره 35 ألف سنة من العصر الحجري القديم، مع المقتنيات الخاص به والتي وجدت في مقبرته وكلها مصنوعة من الحجر.

ومن المعروضات والنادرة للعصر الحجري القديم حبال أصلية، وفأس، ومنجل، والصومعات التي تخزن بها الحبوب، وكلها محفوظة بحالة ممتازة.

وهنالك أيضاً تماثيل للخدم وبعدد 365 تمثالاً وتسمى بـ(الأوشبتي) وتعني (الذي يخدم بالعالم الآخر) وتشمل كل أيام السنة، وكل منهم له مهمة محددة للقيام بها، كتنظيف البيت، والخبازة، ولقد وجدت بالمقابر.

ويعرض المتحف أيضاً مجسمات صغيرة، كانت تسمى ببيوت الأرواح، حيث كان يعتقد المصري القديم بأن الإنسان مكون من خمسة أجزاء: الجسم، والقلب، والاسم، والقا (القرين)، والروح، وبأن هذا القلب يوزن مع ريشه، ووزنه يحدد حجم آثامه، فلو سقطت الريشة دخل الجنة، واذا كان العكس فيتم التهامه من قبل فك مفترس.

وكان يعتقد بأنه حين تخرج الروح، فإنها يجب أن تعيش في العالم الآخر، ببيت أشبه بالبيت الذي كان يعيش فيه، ولكن صغير (بحجم الروح)، وبحيث يحتمي به، إلى أن تبدأ الحياة الأخرى، وكانت بيوت الأرواح توضع في المقبرة مع الميت.

ولقد تفوّق المصريون القدماء بعلم الهندسة، والطب، والفلك، وحققوا منجزات علمية، لايزال البشر عاجزين حتى هذه اللحظة عن فك طلاسمها، ويعرض المتحف ميزاناً خاصاً بالمصريين القدماء لتحديد الزوايا والارتفاعات، وعدد أيام السنة والشهور.

ويحتضن المتحف رموز السلطة حينها، والتي كانت مخصصة للملك فقط، وتشير للقوة، والحكم، والبأس.

ولقد عبد المصريون القدماء الإلهة وهي (بقرة) معينة كانت لها صفات لا تتكرر، كما عبد الصقر، والكوبرا، وكلٌّ منها له قصة، وصفات معينة، وكلها موجودة في المتحف بآثار أصلية، ويظهر بالمتحف تماثيل للكاتب والذي تكون أذنه بارزة للترقب لتلقي المعلومات، ويكون دائماً لابساً باروكة، ويتميز بالعضلات.

ويعرض المتحف أيضاً مساحيق الألوان الخاصة بالكتابة على أوراق البردي، كما يحتوي على أدوات المكياج والألوان الخاصة بالنساء، من أمشاط، ومرايا صغيرة، حيث كان المصريون القدماء أول من اخترع ذلك.

واللافت ايضاً، تمثال كبير ومميز للملك اخناتون، وهو من الملوك المثيرين للجدل، حيث كان الوحيد وأول من رفض فكرة تعدد الآلهة بمصر القديمة، ودعا لتوحيدها بإله واحد.

ولقد كان هذا سبب في انقلاب الكهنة عليه، واتهامه بالهرطقة والكفر، ولقد عمل ما يسمى بأناشد اخناتون (باللغة الهيروغليفية)، ويقال إنها  (مزامير داوود).

ومن القطع المعروضة لعبة قريبة جداً من لعبة الشطرنج، والتي كان الفراعنة أول من ابتكرها، كما يعرض المتحف مجموعة من التوابيت وهي مكدسة داخل بعضها البعض بتناسق وعمل إبداعي جميل، ختامها المومياء والتي تكون في عمق التابوت الأخير، والتي منها تابوت توت عنخ آمون.

ويعرض المتحف أدوات موسيقية من مزمار، وناي، وعود، وكانت تستخدم في مصر القديمة للمرح والتسلية، وكذلك ساعة مائية مقسمة إلى عدد الأشهر، وساعات اليوم، بدقة متناهية، تظهر التطور الكبير الذي قطعه الفراعنة بهذا المضمار.

كما هنالك عدد من التماثيل التي ترجع للعصور الرومانية واليونانية والتي تظهر الحرية والانطلاق، ومقتنيات تخص العصر القطبي والذي يتضمن تصاميم إسلامية، صممت في العصر الفاطمي.

ولقد رصدت “البلاد” في زيارتها كنزاً جميلاً معروضاً بعدد 187 قطعة من الذهب الخالص، بتصاميم دقيقة ومميزة جداً، وجدت في إحدى المقابر بمنطقة الواحات الخارجية، ولا يعرف لمن ترجع.

ويتضمن المتحف قطعاً من العصر الحديث، منها قطعة من ستار الكعبة والذي تم تطريزه بمصر، ومقتنيات أخرى “كالمشربية” والتي صنعت في العهد الإسلامي (من الخشب) وبتنسيق هندسي غير عادي.