بعد البحث والتوسع والإيضاح، اكتشفنا أن بعض النواب دخلوا الزمن الميت وتركوا أنفسهم دون ضوء، ولم يأخذ منهم المواطن إلا الصياح بأصوات عالية جوفاء، ونعتقد أن الفائدة التي نجنيها من صمتهم ستكون أكثر إيجابية من استماعنا لكلامهم، والمسألة التي تحيرنا بشكل عنيف بكل المعايير الموضوعية الدقيقة أن العديد من النواب لا يقرأون ما تكتبه الصحافة بالعمق والتنوع، والإحاطة بآثار كتاب الأعمدة على وجه الخصوص، وما ينقلونه من نبض الشارع، فتجدهم ينتقلون من أقصى غرب الجريدة إلى أقصى شرقها للبحث عن صورهم فقط، يفتشون عنها كما يفتشون في غابات كثيفة الشجر والورق، فعندهم اكتفاء ذاتي بجمال الصورة وبراعة صنعها، أما أعمدة الكتاب في الجريدة وما فيها من صوت للشارع، فلا تشكل أية أهمية لهم على خارطة العمل البرلماني، ومجرد محطة تموين صغيرة.

أين ما يمكن أن نجده دليلا على وجود نواب يهتمون ويطالعون أعمدة الكتاب في الصحافة المحلية، ويعلقون على بعض ما يورد فيها من قضايا متعلقة بالمواطن، فنحن ومن واقع خبرتنا في الصحافة نعرف كيف نحدد الناضج والمؤثر في رصيدنا الصحافي، فكثير من الزملاء الكتاب يكتبون عن المجتمع وينتقدون بعض النواب بجرأة ويضعونهم تحت مظلة المساءلة، ظنا منهم أن دعوتهم ستكون أفلاطونية وستؤثر فيهم كما أثرت في فلاسفة المسلمين، لكنهم يكتشفون أن هناك أبعادا أخرى وأعماقا ومستويات شتى وراء ذلك – أي وراء – عدم قراءة أعمدة الكتاب، فليس لديهم أعين للأفق الآخر، والأزمة عندهم أزمة قصور في فهم الأهداف النقدية والآراء التي تطرح في الصحافة.

يهتمون بصورهم فقط لأنها تمثل لهم مدحا وزينة للمحافل، أما ما يكتب داخل الكلمات والسطور فهو دون ضوء بالنسبة لهم أو ربما باطل وتهريج ولا ينشد الحق.

*كاتب بحريني