العدد 5269
الأحد 19 مارس 2023
banner
أكذوبة الغرب!
الأحد 19 مارس 2023

لم تكن المئة عام المنصرمة كمثلها من الأعوام أو الزمان، ١٠٠ عام فقط غيرت الكثير في البشرية، فبعد الحرب العالمية الأولى أصبح العالم في مأزق حقيقي، حيث إن الحروب خلفت الكثير من القتلى والمفقودين، وكان لابد من خروج المرأة (في الغرب) للعمل حتى تحفظ قوت أسرتها، وكذلك حتى لا تفلس المصانع التي انخفضت فيها الإنتاجية بشكل مبالغ، لقد كانت النساء قبل ذلك في بيوتهن في كل العصور السابقة، لا امرأة تعمل إلا من لم يكن لها معيل أو مصدر للمال، وقد كانت الأعمال التي تمارسها المرأة في نطاق قدراتها ودلالها، فكانت تعمل كمربية للأطفال أو مسؤولة عن التزيين أو مدبرة للمنزل ولا أكثر من ذلك إلا فيما ندر.
وخرجت النساء بعد الحرب، واكتشفن عالما مختلفا، كان من الصعب فيه أن تمارس العمل بكامل ملابسها الثقيلة التي كانت طبقات فوق طبقات، والجدير بالذكر هنا أن الغرب كان محتشما جدا في ظاهره وملابسه، فلا تفرق بين نسائهن من حيث الحشمة وغطاء الرأس وبين قريناتهن في بلاد المسلمين والعرب، وقد شكل ذلك عائقا واضحا لهن للعمل في المصانع، فبدأن بتخفيف الملابس وخلع غطاء الرأس ولبس (الأوفارول) للعمل بالمصانع ولم يؤثر ذلك في إنتاجيتهن.
في تلك الأثناء كانت هناك محاولات جادة لاستخدام وسائل اتصال جماهيري جديدة بدلا من الصحف التي كانت تتأخر في الانتقال من الشرق إلى الغرب بما يصل إلى أيام، فتصل الأخبار متأخرة وباردة ولا جدوى منها! وبمجرد أن لمست البشرية تأثير الراديو والتلفزيون سرعان ما انتشرت المعلومات والأخبار والدروس ربما في تقديري غير العادلة أو المغالطة وما نتج عنها من هوس نحو تقليد الغرب في تصويره لنا بالعصرية من خلال التحرر من الملابس وإحلال المرأة مكان الرجل، بل واكتفاء المرأة بنفسها وحاليا اكتفاء كل جنس بشري بمثيله كبطولات واجب اتباعها. 
والسؤال هنا لماذا هذا التغافل الكبير عن وضع المرأة المسلمة وما كانت عليه وما وصلت إليه في ظل أعراف وتقاليد ودين يحميها ويكفل حقوقها كاملة، لماذا ننسب أدوار البطولة للغرب، فيما كانت المرأة على مر التاريخ وفي الإسلام بالتحديد مدللة وصاحبة مكانة؟!
لا أنكر أبدا أن هناك حالات شاذة من اضطهاد للمرأة كانت ولا تزال مستمرة عبر السنين، لكنني أيضا لا أذكر أن جداتنا كن يعملن، فقد كن ملكات متوجات بالرضا وحب العائلة وتربية الأبناء! والأجمل في بلاد العرب والمسلمين أن لا تفرقة بين الرجال والنساء من حيث الحقوق، فالطبيب والطبيبة يحصلان على نفس الراتب، وكذلك المدرس والمدرسة، وقس على ذلك، فيما أن الغرب الذي ينضح بالمثالية والمساواة مازالت المرأة تستلم راتبا أقل من زميلاتي بـ 30 % لأنها امرأة!
هي عقدة الغرب فينا الذي ينقل لنا أفكاره وممارساته فنغلو في تطبيق ما يصدر، بل ونزيد عليه، فأتعجب كثيرا عندما أقرأ عن النسويات وفي تاريخنا أسماء نساء حفرها التاريخ كرفيدة الأسلمية التي كانت تخرج في الغزوات لتمريض الجرحى أو خديجة رضي الله عنها من اشتهرت بالمال وممارستها التجارة.
لماذا هذا الإهمال المطلق والتنصل من ذاتنا والانسلاخ من جلدتنا.. وللحديث بقية.

كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية