العدد 5271
الثلاثاء 21 مارس 2023
banner
إنّها الأم
الثلاثاء 21 مارس 2023

لماذا نختزل الاحتفال بالأم في يوم واحد فقط؟ لماذا لا يكون هناك أكثر من يوم؟ إنّ يوما واحدا مهما أفضنا فيه من مظاهر الامتنان، ومهما تنوعت فيه العطايا يبدو مستحيلا أن يفي هذه الإنسانة مكانتها قياسا بتضحياتها الاستثنائية وعطائها اللامحدود، من منا لا يشعر بالزهو وهو يتذكر أمّه؟ ومن منا لا يستشعر الخجل أمام ما أسدته من تضحيات؟ من هنا فإننا نجد أنفسنا عاجزين عن اجتراح الكلمات التي تليق بها وأنها لا تفي ولو بالقدر مما أعطته طوال حياتها.
أمهات كثيرات مررن بتجارب قاسية بيد أنهن واجهنها بشجاعة وتحد فكان النجاح حليفهنّ، وأمهات كثيرات كابدن الآلام والمشاق، ولم يلن لهن جانبا ولم يستسلمن لها فكانت حياتهن أنموذجا في التسامي والبذل، وكثيرات عشن فصولا من المحن والمتاعب والعذاب إلا أنهن يغالبن كل تلك العذابات بالصبر والترفع على الجراح ويبتسمن في أحلك الخطوب. 
إنّ أقسى ما يشعر به الإنسان هو لحظة فراق الأم، في مثل هذه اللحظات يلازمه شعور باليتم الحقيقيّ وإحساس بمرارة الفقد لا نظير له، الفقد هنا موجع إلى أبعد الحدود، حيث يصبح كل ما حولنا موحشا، ربما لاعتقادنا أنّ الأمهات يبقين إلى الأبد، حينها لا شك يرحل كل شيء بين أيدينا، وربما يشعر البعض الآخر بتفاهة الحياة وأنها باتت غير ذات جدوى. الذّي يغيب عن أذهان أجيال اليوم أنّ أمهات كثيرات في الزمن الماضي يشاركن رحلة الكفاح الحقيقي، وفي ذلك الوقت العصيب استطعن النهوض بشؤون الحياة العامة بصلابة رغم ظروف الحياة القاسية، والذي يثير الإعجاب بث معاني الرجولة والتراحم في نفوس الأبناء.
من الأقوال العالقة بالذاكرة التي أصبحت تتكرر على ألسنة الكثيرين “كبرنا واكتشفنا أنّ قسوة أمي كانت حب، وغضبها حب وعقابها حب. كبرنا لدرجة شعورنا أنّ وراء ضحكة أميّ ألف دمعة، ووراء قوة أبيّ ألف مرض”. رحم الله من رحل من الأمهات وحفظ من هنّ على قيد الحياة.
* كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية