العدد 5273
الخميس 23 مارس 2023
banner
من أجل حوارٍ جادٍ حول “جمعية التجديد”!
الخميس 23 مارس 2023

سعياً لدفع الحوارات نحو مساحاتٍ أكثر عقلانية وأقل تشدداً، نشرتُ في “البلاد” مقالاً بعنوان “جمعية التجديد.. جدلُ الأفكار المتضاربة”، 16 مارس الجاري، تناولت فيه التصلب الفكري والمواقف المسبقة لدى شريحة واسعة من مؤيدي “جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية” في البحرين، ومعارضي أفكارها، وهو الأمر الذي دفع نحو مزيد من الصدام بين الآراء، عوض أن يكون النقاش نافذة للمثاقفة العلمية، والنقد المنهجي، والتحرر من الاصطفافات التياراتية والعقدية.
هذه النبرة الحادة في النقاشات، اتخذت من التخوين والتحريض والتجهيل والتحقير، سياقاً لها، أي أنها لم تعد مناقدة أو حتى محاججة علمية أو فقهية، إنما استقطابُ تيارات كل واحد منها يدعي أنه الصواب المطلق، وأنه من يمثل العقيدة الصحيحة، وأن من واجبه أن يُبينَ الحق حتى يسهل على المؤمنين الاقتداء به!
هو إذا خطابُ الوصاية، وإن لم يدع أي طرف القيام بذلك، إلا أن المتابع للسجالات العبثية، يجدها موغلةٌ في ترسيخ منطق أبوي فوقي، يستجدي المقدس، ليمنح خطابه هالة ربانية، فيما هذه الخطابات جميعها دون استثناء، اجتهاد بشري قابل للصواب والخطأ. 
إن من حق أنصار “جمعية التجديد” أن تكون لهم أفكارهم الخاصة، وأن يؤمنوا بما يشاؤون، حتى لو نظر الآخرون لهذه الأفكار بوصفها هرطقة أو تجديفاً. فحقُ الإنسان في الإيمان أو عدمه، هو مبدأ أساسي في المجتمعات المدنية الحديثة. كما أن نقاد “التجديد” من حقهم أن تكون لهم وجهات نظرهم الخاصة، وأن يمارسوا التعبير عن آرائهم دون أن يستاء “التجديديون” من ذلك.
إنما، لا يحق لا لأنصار “التجديد” ولا لخصومها، أن يصيغوا خطاباً يقوم على الشتائمية والاغتيال المعنوي والتفسيق، والاتهام بالخروج عن الدين أو التحقير، فجميع تلك الممارسات هي آثامٌ ستقود إلى نتيجة واحدة: انقسامٌ مجتمعي حاد، وكراهية ستفضي مستقبلاً لممارسة العنف الجسدي، وليس الرمزي فقط.
هذه النقاشات يجب أن تكون شفافة، غير متشنجة، لا سقف لها، تتم بموضوعية ومنهجية تؤمن بحق الاختلاف، تعترف بالخطأ ولا تصرُ عليه، تعطي الطرف الآخر الحق في إبداء الرأي، وأن تبنى على العلم، وتبتعد عن الجهل والخرافة والتعصب.
كاتب وإعلامي سعودي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .