العدد 5274
الجمعة 24 مارس 2023
banner
الحروب تفوقت على صلوات الحب
الجمعة 24 مارس 2023

ذات يوم قال آينشتاين “سيفنى في النزاع القادم ثلثا النوع البشري”، وصرح الشاعر بول فاليري “نحن أبناء المدنيات الأخرى، نعلم الآن أننا فانون”، وأشار أندريه جورج إلى أن “فناء الحضارة قد تعاظم على نحو فجائي”، ونوه لويس دوبرولي بأنه “لا يجدي شيئا السعي لإخفاء إمكانية مثل هذه الكوارث بأوهام مضللة”.
وكتب هارولد أوري مذعورا “أنا أكتب لأخيفكم، وأنا بذاتي رجل خائف، كما أن جميع العلماء الذين أعرفهم خائفون.. وهو يدعو الأرض المهددة ببيت الخوف”، وأفاد جان روستان بأنه “يكفي بعض العلماء لتجهيز الإنسانية بقوة رهيبة، لكن لا يكفي ذلك لجعلها جديرة باستعمال بعض الحكماء”، ثم قال “لقد صنع العلم منا آلهة قبل أن نستحق أن نكون بشرا”، وقال أحد علماء الفيزياء “إن الحضارة ستختار في يوم قريب وسيلة انتحارها”.
وهناك عبارة بليغة لفريدريك نيتشه.. “في الإنسان توجد المادة، التجزؤ، الإفراط، الصلصال، الوحل، الجنون، السديم، إلا أنه يوجد في الإنسان أيضا الخالق، النحات، ديمومة المطرقة، والتأمل الإلهي”، وقال بريغسون عن الإنسانية “لا تعلم إلى حد كاف أن مستقبلها يتوقف عليها”.
كل هذه الأصوات والدعوات التي تحدثت عن نهاية العالم، نسمع همسها من وراء أبوابنا، فالحروب تفوقت على صلوات الحب، وحمى الرعب منتشرة في كل مكان، والبطولة المطلقة هي للإنسان وحده.. نعم وحده الذي يرسم أيامه الرهيبة ويثير بيديه العاريتين العواصف والزوابع. يأخذ قسطا من الراحة لسنوات طويلة، ثم يعود بالتفكير والتحليل إلى لغة الدم والخراب. تفرحه الضحكة المتجمدة، والزهور الذابلة في واحات الموت والشوارع الحزينة.
يقول جورج استور “الأزمة ليست أزمة علم، فالعلم رغم جميع فضائله، يقترح والإنسانية تتصرف”.
والله يا عم جورج ما نشاهده في عصرنا هذا لا يمكن أن يقضي على القلق الإنساني الشامل والارتعاد في أعماقنا، فهناك تناقض كبير من الوسائل والغايات.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية