العدد 5275
السبت 25 مارس 2023
banner
الانتخابات والنقابة.. وماذا بعد؟!
السبت 25 مارس 2023

تم إغلاق الملف، انتهت انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين المصرية، نجح من نجح، وخرج من السباق من خرج، لكن الجميع فائزون، انتخابات نزيهة بحكم القضاء، يوم لا ينسى بشهادة الشهود، ومجلس إدارة جديد نعول عليه كثيرًا.
هويتنا في نقابة الصحافيين هي مهنتنا، هي فوق كل اعتبار وأي اعتبار، لا آيديولوجيات تحكمنا، ولا أهواء سياسية أو عقائدية تخرج بنا عن الجسم الصحافي المأمول، ولا عن رسالتنا المقدسة في إيصال المعلومة المجردة لكل الناس من دون تفرقة أو استثناء أو انحياز.
من هنا خرجت دعوة جميع المترشحين تقريبًا إلى ضرورة الارتقاء بالمهنة سواء من الكاتب الصحافي خالد ميري، رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم، أو من النقيب الفائز خالد البلشي، الجميع اتفقوا على أن المهنة تحتاج إلى تطوير، وأن المحتوى الصحافي مازال دون مستوى مصر الرائدة، وأقل من طموحات الصحافيين والناس وحتى المسؤولين. وهو ما أشار إليه في حوار تلفزيوني لاحق بعد الانتخابات كل من نقيب الصحافيين السابق ضياء رشوان، ونقيب الصحافيين الحالي خالد البلشي، والكاتب الصحافي خالد ميري، جميعهم اتفقوا على ضرورة إنزال هذا الملف من فوق الرف والتعامل معه بكل جدية خلال الفترة القريبة القادمة، وذلك بإحياء مركز التدريب الذي يجب أن يمر عليه كل صحافي يعمل بالمهنة حتى نسد الفجوات بين ما نقوم به على الأرض وما يحدث في العالم المتقدم من ثورة هائلة في التفكير، وفي الأدوات والآليات المستخدمة.
لم يعد التعليم للأسف الشديد قادرًا على التحول من التلقين إلى التفكير، وأصبح تدريس الإعلام والصحافة محجوزًا في زاوية النظرية أكثر من انطلاقه نحو التطبيق، وهو ما يجعلنا دائمًا نطالب بضرورة أن ينزل الصحافيون إلى شارع الأحداث، وإلى الصحافة التفاعلية مع قضايا المجتمع والناس، ومع هموم المؤسسات والنظم والهيئات والحكومات، وهذا يتطلب قناعة وشجاعة من الصحفيين لكي يعترفوا: أولًا بأن هناك قصورا وأنهم سبب مباشر في هذا القصور، ثانيًا بأن الوضع المؤسسي للصحافة يعاني من غياب التنوع في الملكية والإدارة، وأن القطاع الخاص مازال بعيدًا جدًا عن اقتحام عالم الصحافة بكل إمكانياته الهائلة ورؤيته التي يدير بها مؤسساته المتطورة.
ثالثًا: ضرورة إنشاء العديد من مراكز التدريب ليس في نقابة الصحافيين وحدها، إنما أيضًا في الجامعات والمعاهد العليا التي تتعاطى مع هذا الملف على أنه ترف وليس ضرورة ورسالة وتكليفا.
رابعًا: إعادة النظر في الوضع الحياتي والمعيشي وكل الظروف التي تحيط بمهنة القلب، لأن ذلك يؤثر عليهم مهنيًا ويجعلهم متشتتين وغير متفرغين لمهنتهم، وهي مهنة تحتاج إلى التخصص الشديد والتركيز الدقيق، ذلك أن رسم الصورة الذهنية لأي مجتمع يحتاج إلى مشقة واستيعاب وتفرغ كاملٍ.
خامسًا: تشكيل فلسفة جديدة، لا تعتبر كل ما هو منافس عدو، خصوصا ما يتعلق بالسوشال ميديا والإعلام المرئي والمسموع وإعلام الفيديوهات وصحافة المواقع والبلوجرز وغيرهم، حيث يمكن الاستفادة من كل مخرجات هذه التشكيلات الإعلامية الجديدة إذا تم التعاون على أسس ومعايير وانضباطية مهنية معتبرة.
هذه الاعتبارات جميعها هي التي تجعلنا نفكر في مرحلة ما بعد انتخابات نقابة الصحافيين المصرية، ماذا بعد يا ترى؟ هل يمكننا الوقوف على عتبة التاريخ مرة أخرى لنكتب تاريخًا جديدًا لنقابتنا ومهنتنا؟ وهل يمكن لصحافيينا الطامحين إلى الأفضل أن يقوموا بهذا الدور الطليعي من أجل صحافة متقدمة ومؤسسات فاعلة ومجتمع أكثر استنارة؟
السؤال مطروح ليس بالمناسبة فحسب، إنما على المدى في المستقبل المنظور بكل تأكيد.


كاتبة مصرية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية