العدد 5276
الأحد 26 مارس 2023
banner
شهر الصوم والعمل
الأحد 26 مارس 2023

يخطئ من يظن أن شهر رمضان هو شهر للنوم والكسل طوال النهار، وليل للسهر والمجالس والغبقات والأكل، ويخطئ من يمارس تلك العادات وكأنها ترف لا يمكن الاستغناء عنه، وفرض عين ننتظره من العام للعام.
“شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس”، هو شهر للعبادة والعمل، للقراءة والتفكر، للوعد الحق، والآيات البينات، هو شهر للإنجاز والإعجاز، للإنتاج والإبداع، لن أعود طويلاً إلى الوراء لكي نتذكر معًا انتصارات المسلمين في ذلك الشهر، ولن أعرج إلى مواقف إنسانية كانت لها الضجيج والإسوة الحسنة في أزمنة المعجزات، وأيامنا الخوالي العربيات، لكنني سأتحدث عندما نواجه من تحديات، من اقتصاد “يراوح مكانه” وربما يتأخر كثيرًا عن الخطة والأمل، عن أسعار فائدة بدأت تحلق في السماء درءًا للتضخم، ولكن ارتفاع أسعار الفائدة سيرفع التضخم لأنه سيرفع تكلفة إنتاج السلع والخدمات.
دعونا نتحدث عن كيفية لجم موجة ارتفاع الأسعار العالمية، وكيف انتقلت إلى أسواقنا المحلية، ودعونا نفكر ونحن نعمل في مركز إشعاع حضاري وعلمي، في الجامعة الأهلية تحديدًا، أن نبحث معًا من خلال البحوث التي يعمل على إنجازها علماؤنا عن كيفية النهوض بالاقتصاد الوطني، وعن آلية تحجيم التضخم، وعن عوامل القضاء على البطالة بل وعلى تعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بل وكيفية النهوض مرة أخرى بالجامعات الخاصة بعد ما تعرضت له من أزمات خانقة وتراجع بفعل الكثير من العوامل والمتغيرات.
دعونا نفكر ونحن في مطلع الشهر الكريم عن كيفية إيجاد علاجات قاطعة لتراجع أعداد الطلبة في التعليم العالي والخاص، وعن أسباب هذا التراجع، ودعونا نتفق على كلمة سواء مفادها أننا جميعًا في قارب واحد، وأن نجاتنا إما ان تكون لنا جميعًا أو أن الغرق سيكون مصيرنا جميعًا.
البعض يعتقد بأن الأزمة التي تصيب طرف لن تذهب إليه، ولن تلحق به أي أذى، رغم أن المنظومة كلها مرتبطة ببعضها العض، والحلول الابتكارية الجماعية سوف تصب من دون شك في مصلحة المجموع ولن تكون قاصرة على طرف دون الآخر.
الوضع الإجمالي للاقتصاد، والحالة العامة للاستثمار في التعليم العالي الأهلي يحتاج إلى مراجعة، إلى مصارحة، إلى شجاعة في التناول ومنطقية في التعاطي، بل إلى مواجهة ومصداقية عند طرح الحالة الراهنة على بساط البحث من أجل أن تكون الحلول جماعية وليست فردية، وأن يكون التناول عام وليس شخصيًا، بل أن تكون الفكرة جديرة والتعاون بين العام والخاص هو فلسفة المرحلة وأية مرحلة.
شهر رمضان المبارك هو شهر للأفكار النيرة والمشروعات الجديرة، والابتكارات العلمية المعتبرة، هو شهر للصوم والعبادة .. نعم، لكنه أيضًا شهرًا للإبداع والمحاولات الحثيثة من أجل إعادة المجد للبحرين “المتعلمة” وليس للبحرين “العاطلة”، للبحرين التنويرية مثلما عهدناها وللوطن المقدام، والشعب والقيادة المتلاحمين، إنه شهر الموعظة الحسنة، والتسامح والتعايش السلمي الذي هو ديدن بلادنا ودستور أمتنا، إنه شهر للعمل والأمل في مستقبل مشرق سعيد، وفي تجاوز محمود لسحابات صيف عابرة، وغيوم سوف تنقشع مع أول محاولة جادة لإعادة المياه إلى مجاريها، والبحث العلمي إلى هدفه الأصيل، والتعليم المستمر لكي يواصل مسيرته نحو كل فئات المجتمع بكل عدالة وشفافية وإتقان.
شهر رمضان هو شهر الشهور الذي يمنحنا الفرصة لكي نعمل ونحلم، ونأمل في الأفضل دائمًا، وكل عام وأنتم بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية