العدد 5276
الأحد 26 مارس 2023
banner
التخصصية.. وصمة عار في جبين العولمة!
الأحد 26 مارس 2023

هي وصمة عار بل أسوأ من ذلك في رأيي! أن نحيد الشخوص عن التعلم والتفقه، ونربطهم ربطا وثيقا بمجال واحد! لا، آسفة جدا، بل بعشر مجال واحد، فإذا ما سألت أستاذا متخصصا في الصحافة مثلا عن شيء ما في التلفزيون سيعتذر منك سريعا ويطلب منك توجيه سؤالك إلى أستاذ متخصص في التلفزيون، رغم أنهما درسا الإعلام، إلا أن ذاك متخصص في مجال دقيق والآخر كذلك في مجال آخر دقيق، فلا تتقاطع المعرفة لديهم بالمجال الآخر! ببساطة لقد خدعونا عندما نشروا فكر التخصص من وجهة نظري! لأن هذه التخصصية تنشئ لدينا متخصصين فقط، ولا تساهم أبدا في تكوين العلماء! فالعالِم يبحث في كل شيء ويقرأ في كل شيء ويربط ما بين العلوم وبعضها البعض، فيما المختص يفقه في شيء واحد لا غير!
سأضرب مثالا هنا عن ماضينا وحاضرنا، لماذا كان قدماء العرب يفقهون في الطب والفلك والأدب والجغرافيا و... لأنهم كانوا علماء ينهلون من مناهل العلم بشغف وحب، وبلا توقف، وكانوا يؤمنون كما أؤمن أنا أيضا بأهمية أن تتقاطع العلوم مع بعضها البعض، لكن بحرفية حقيقية! إن محدودية التعلم التي فرضت علينا من قبل منظومة أنشأها البعض وتلقمها القطيع بأسره تتسبب في ربكة كبيرة، فتجد مثلا “واسمحوا لي أن أضرب مثالا قريبا من مجالي “مذيع الإذاعة يفقد رونقه عندما يطل على شاشة التلفزيون، فقد تمت برمجته على أنه متخصص في مجاله فقط، وأية محاولة للحياد عما تخصص قد تعود عليه بالفشل الذريع!
لقد بات من الصعب أن تجد أحدهم يرغب في فهم تخصصات مجاله أو لديه شجاعة للاطلاع أو المعرفة في حدود دائرته الصغرى فقط، فما بالك ببقية العلوم ودائرة الحياة الكبرى، خدعونا فقالوا إن التخصصية علم وبئر عميقة تنهل من منهال العلوم، وأقول إن التخصصية حادت بنا عن طريق المعرفة وتسببت في ارتفاع الجهل المقنع تحت شعار العولمة والاتجاهات الجديدة، وللحديث بقية.
*كاتبه وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية