العدد 5282
السبت 01 أبريل 2023
banner
كرم أم هدر؟!
السبت 01 أبريل 2023

يطرق بابنا قبل أذان المغرب؛ فندرك أن الجيران بالباب يحملون لنا طبقا اشتهوه لنا مما حضروا لإفطارهم، نفتح الباب لاستقبال الحامل والمحمول وابتسامة الحامل تعقبها عبارة “أمي تسلم عليكم وتقول لكم تفضلوا هالنقصة”، ويعود الطبق اليتيم بكل الحب مملوءا بشيء مما نطهو في اليوم التالي، انتهى.. منتهى الكرم، ومنتهى التكافل والود بين الجيران في شهر الله الفضيل، وما كنا نطهوه، يكفينا كما يجب، لا بذخ ولا إسراف، ولا هدر.
أنحتاج إلى كوكب آخر ليكون مكبا للنفايات التي نلقي بها كل يوم لاسيما في شهر رمضان المبارك؟ هل تتناسب فلسفة الصيام والعبادة مع الإسراف والهدر في الطعام، ذلك الذنب الذي نقترفه ونحن ندعي الإسلام، بل وندعي أننا صائمون، ولم ننل من صيامنا هذا سوى الجوع والعطش؟ هذان الأخيران هما الدافع في نهار الصوم لتحضير قائمة طويلة من الأطعمة، نبدأ بتناول ما يأتي برأس القائمة ثم سرعان ما توقفنا البطنة عن تناول المزيد من الطعام. ما يدهش حقا هو تزامن هذا الاستهلاك الفاحش مع الأزمة الاقتصادية وتفاقم الغلاء، حتى يتساءل الفرد، من أين يأتي هؤلاء بالمال لملء كل هذه العربات بالطعام والاحتياجات المرافقة الأخرى، خصوصا في رمضان، بالرغم من غياب الخصومات والتنزيلات؟! ما يدعو للأسف أن تكون دول الخليج من أكثر الدول المستهلكة للطعام على وجه الخصوص، وربما يكون ذلك بسبب زيادة دخل الفرد فيها، والهدر الناتج عن عادات المنطقة وتقاليدها المرتبطة بالكرم والبذل خلال الشهر الفضيل.
لا يحتاج الأفراد لقوانين مقننة للاستهلاك، فهي خيار شخصي، إذ يجب عليهم أخذ القرار النابع من قناعاتهم السليمة بضرورة الترشيد في الاستهلاك والكف عن التبذير وفقا لما يرتضيه الدين والمنطق السليم، ولجمعيات حفظ النعم كل التحية والتقدير لمجهوداتهم الرائعة في جمع الطعام الزائد وتوزيعه على المحتاجين، لكننا إذ نثمن تلك الجهود نتطلع إلى مزيد منها في القادم من الأيام والتواصل الفعلي مع المجتمع المحلي لجمع أكبر قدر من الطعام المهدر وإيصاله للمستحقين. رمضان كريم.
* كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .