العدد 5283
الأحد 02 أبريل 2023
banner
موائد رمضان بين الهدر والاستهلاك
الأحد 02 أبريل 2023

تزهو موائد شهر رمضان بالأطباق الشهية الجميلة، وقد تكون من البيت أو تُجلب من الأسواق، لكن هل كل ما يتم وضعه على المائدة يؤكل؟ فالصائم وقبل موعد الإفطار يتوق لتناول كُل ما تراه عيناه من الأطعمة، وعلى المائدة لا يتناول إلا ما يستطيع أن يأكله، وفي كُل يوم نرى كميات كبيرة من فضلات الأطعمة داخل أو بالقرب من الحاويات، وهي كميات لا تنتمي إلى فئة الكرم الحاتمي، بل هي نتاج الإسراف بالأطعمة وتجاوز ترشيد الاستهلاك، وينتهي بها المطاف إلى الحاويات، أو على قارعة الطُرق، وتشير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” إلى أن العالم يَهدر سنويًا ثلث الأغذية التي ينتجها ــ نحو (1.3) مليار طن، وتشير تقارير هيئات رقابية في الخليج العربي إلى إن “أكثر من 1800 طن في دبي، و400 طن في البحرين” من الأطعمة تهدر يوميًا في شهر رمضان!
الصوم مدرسة ومن مناهجها التوعية الصحية بجسم الإنسان وترشيد الاستهلاك والإحساس بحاجة الآخرين من فائض الأطعمة، وباتباع أساليب غذائية أقل فتكًا بجسم الإنسان، وبعدم استنزاف ما لدينا من موارد الغذائية، والحفاظ عليها. وعلى الإنسان أن يُوقف النزيف الغذائي والصحي والاقتصادي الحاد، وأن يَلتزم بمبدأ “حفظ النعمة” كمنهج ترشيدي مُستدام، سواء بمبادرة فردية أو مجتمعية أو رسمية، وأن لا يَجعل جسمه مَكبًا للكثير من الأطعمة التي لا يحتاجها.
يفرح الإنسان ويزهو عندما يرى مائدته تُرص بالأطباق المليئة بأجود أنوع الأطعمة، بالرغم من أن حاجته لا تزيد على طبقين أو ثلاثة، حتى ولو كان هذا الإنسان ثريًا فإن هذا البذخ الرمضاني لا يعد دلالة كرم بقدر ما هو هدر للنعمة، وهو إسراف وتبذير، ويُقابله ارتفاع بمعدلات الجوع في أماكن أخرى، “حيث يعاني (52) مليون شخص من نقص مزمن في التغذية” مع “اتساع الفقر في الكثير من البلدان، وحاجة شعوبها إلى المساعدة الغذائية”، ومن ناحية أخرى فهذا الهدر يجعل شهر رمضان شهرًا للتسابق في الإسراف والتبذير وزيادة الإنفاق بعيدًا عن الاعتدال.

*كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية