العدد 5309
الجمعة 28 أبريل 2023
banner
الشعر قد ينقذ الطبيعة من الإغماء
الجمعة 28 أبريل 2023

عندما تنظر إلى النصف الآخر من العالم تكتشف أدباء عظاما يحملون رؤية جديدة لجميع العلوم والفنون، تشعر عندما تقرأ لهم أنك وجدت الفردوس المفقود بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأحد هؤلاء الأديب الألماني هانس فايفر الذي يعطيك إيقاعا هندسيا وقت القراءة ويبهرك بتحليلاته ومواقفه.
لقد سئل هانس في مقابلة اطلعت عليها في مجلة “الأقلام” العراقية عن العلاقة بين صدق الوثائق والحرية الشعرية، فأجاب بذكاء.. إن أرسطو قال إن المؤرخ يعرض ما قد حدث واقعيا عكس الشاعر، فهو يعرض ما قد يحدث حسب الإمكانيات والضرورات، فالواقع والخيال هنا يقفان متعارضين، والحرية الشعرية ليست تعسفا. لقد تحدث غوغول عن أن الشعر يجب أن يتسامى عن حماقة الحقائق، كما تحدث هيغل وبين أن الشعر قد ينقذ الطبيعة من الإغماء، ومثل ذلك تحدث بريخت وأكد أن شكسبير يمنح المرج لونا ومشاعر لا يستطيع المرج الحقيقي أن يقدمها، فالشعر يخلق واقعا جديدا ويمكن أن يكون جوهره أقوى تأثيرا من الواقع الموضوعي نفسه. إن كل واقع يعرض إمكانية محققة، ولكن في تحقيق أحد الاحتمالات الواقعية المختلفة يكمن مجال الحرية الشعرية، فالحرية الشعرية جراء ذلك تكون حرية مقابل الواقع القائم، لكنها من الضروري أن تستند على إمكانات واقعية، فالحرية الشعرية إذا موديلات ونماذج صور للواقع معبرة بشكل مناسب عنه وعن اتجاهاته بشكل جوهري ومؤثر.
ومثال ذلك في رواية “مونتسراني”، حيث عرض لقاء بينه وبين مارتن لوثر في عام 1522 ولعل ذلك اللقاء لم يحدث، ولكن ذلك كان ضرورة شعرية لإبراز الفصل بين رفيقي الطريق، فاللقاء هنا خيالي، والحوافز الكامنة خلف الحوار بما فيه من حجج تستند على مصادر وثائقية، وبهذه الكيفية يحوم الشعر حول أماكن غير محققة ولكنها واقعية، فهي واقعية فنية وحقيقة جديدة.
*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية