+A
A-

ماذا تعرف عن المونتاج والمونتير في السينما؟

كثير منا يشاهدون الأفلام في دور السينما، أو في التلفزيون، منها الأفلام الجيدة والمهمة، ومنها الأفلام السيئة، ولكن هل فكر المتفرج العادي، الذي لا يمتلك ثقافة بشأن فهم الفن السينمائي، في كيفية صناعة اللقطة وما المراحل التي تمر بها قبل خروجها واعتمادها من قبل المخرج؟

هذه عملية معقدة جدا تسمى عملية "المونتاج"، فكما هو معروف أن الفيلم السينمائي يتكون من ناحية البناء الفني من لقطات ومشاهد وفصول.. واللقطة هي ما تصوره الكاميرا من خلال دورانها لمرة واحدة، والمشهد هو تجميع اللقطات التي تصور في مكان واحد وزمان واحد، والفصل يدل على مجموعة من المشاهد لها وحدة درامية معينة، ومن يقوم بهذه العملية يسمى المونتير.


لتقريب المعلومة أكثر للمهتمين كتب المخرج المصري عبدالقادر التلمساني في مجلة "الهلال" العدد الخاص بمناسبة مرور 100 سنة للسينما يناير العام 1995 موضوعا بعنوان "فنون السينما" يتحدث فيه بشكل مطول عن المونتاج من خلال مقابلة أجراها أحد النقاد مع المونتير الفرنسي هنري كولبي، فيما يلي نصها:

هل نستطيع أن نتعرف على أسلوب خاص للمونتير في الفيلم؟
نعم.. لقد كان هناك أسلوب خاص بالمونتيرة الفرنسية الشهيرة "ميريام" مونتيرة أفلام "ساشاجيتري" وفيلم "باريس 1900" وهناك المونتاج على الطريقة الأميركية وهو سريع، ومليء بالحركة.


وفي فرنسا مثلا.. يهتم المونتير وكذلك المخرج على الخصوص بتعبير الممثلين، بينما في أميركا يستلزم الأمر الاهتمام بالتمثيل ودقة الحركة، حيث يسمح قطعها المضبوط بوصل اللقطات جيدا الواحدة بالأخرى، دون أدنى إحساس بالميكانيكية.. والمعجزة الحقة هي التوفيق بين الإنجاز والليونة أو النعمومة.


ومن خير الأمثلة على هذا فيلم اورسون ويلز "السيد اركادان" فقد أثبت مونتير الفيلم وهو إيطالي براعة خارقة في سرعة وصل لقطات مصورة من زوايا غريبة، ولكنها ليست عفوية، وفي "نقلات" جافة جدا من مشهد لأخر، وعلى العكس من ذلك نجد المونتاج في الأفلام اليابانية والهندية لينا للغاية.

ما الصعوبات التي يمكن أن تصادف المونتير؟
حينما يكون الفيلم سيئ الإخراج، أو يكون "السكريب" المساعد الثاني للمخرج غير دقيق في عمله تنشأ مشكلات.. فمثلا نجد في لقطة 3 أكواب وزجاجة، وفي اللقطة الثانية التي صورت في اليوم التالي، نجد كوبا واحدا وزجاجتين، ومثل هذا الأمر يمنع المونتير من وصل لقطات الفيلم كما يجب.

هل يحضر المخرجون عملية المونتاج؟
غالبيتهم يأتون ساعة في اليوم، ويعين المونتير 4 أو 5 لقطات قائلا "أوصل هكذا" ويعطي ملاحظات مبهمة وغير دقيقة. ومن ناحية أخرى نجد المخرج المهتم بعمله والذي له ضمير فني، يعرف أن عليه أن يكون موجودا ما استطاع إلى ذلك أثناء عملية المونتاج، لأننا نكتشف دائما في لقطات الفيلم إمكانات جديدة.

هل للمونتير تأثير ما على إيقاع الفيلم؟
من الممكن الحصول على الإيقاع في الفيلم بطرق مختلفة.. هناك الإيقاع الداخلي الذي نحصل عليه أثناء تصوير الفيلم من أداء الممثلين، وحركة الكاميرا وطريقة تجنب الزمن الميت في داخل اللقطة نفسها. ولا يستطيع المونتير شيئا في هذا.

وهناك الإيقاع الخارجي الذي يمكن الحصول عليه بالمونتاج والتوافق المتناسق بين أجزاء الفيلم المختلفة. وهذا الإيقاع الخارجي يلعب دورا أقل في الأهمية بكثير منذ اختراع السينما الناطقة.


نتمنى من خلال هذا الموضوع أن نكون قد استطعنا ولو بالقليل تنمية وعي المشاهد وتعميق الثقافة السينمائية عنده عبر معرفة لغة الصورة.