العدد 5322
الخميس 11 مايو 2023
banner
نعم.. آن الأوان لنحمي أبناءنا
الخميس 11 مايو 2023

لم تعد المصيبة بالنسبة لتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي مقتصرة على مجرد وقوع الشباب والكبار ضحايا للمحتوى الفاسد الموجود على هذه التطبيقات، وانصرافهم عن ما يفيدهم ويفيد المجتمع، لكن المصيبة تمتد لتأخذ الكثير من الشباب إلى الضياع التام وتفعل بهم ما لا يفعله إدمان المخدرات وتأخذهم نحو الانتحار.


لقد قرأنا مؤخرا عن قصة الفتاة البريطانية ماري التي انتحرت بعد وقوعها ضحية للمحتوى الرديء لأحد تطبيقات السوشال ميديا، وقد بدأت قصة هذه الفتاة كما يحدث عادة مع ملايين غيرها عندما يقوم الشخص بالاطلاع على مادة مكتوبة أو مادة فيلمية مصورة أو غير ذلك، حيث يقوم القائمون على وسائل التواصل الاجتماعي بعدها بإمداده بالمزيد من المواد الشبيهة أو التي تتناول نفس الموضوع، ويتلقى هاتفه على مدار اليوم عشرات المواد التي قد تضره ولا تنفعه استنادا إلى كونه مهتما بهذا الموضوع. وهذا هو ما حدث بالضبط للفتاة ماري التي كانت تبلغ من العمر 18 عاما، والتي كانت حسب ما ورد فتاة هادئة لكنها أصيبت باكتئاب بسيط كما يحدث للشباب في تلك المرحلة.

فبدأت المسكينة بقراءة مادة عن الاكتئاب فقام هذا التطبيق بإمدادها بغيرها لدرجة أنها قامت بمشاهدة حوالي ٦٠ فيديو عن الاكتئاب والانتحار خلال الفترة التي سبقت اتخذاها قرار إنهاء حياتها، فهي مثل الملايين من الشباب في غرفتها وفي عالمها الخاص الموجود في هاتفها تأخذ ما يحلو لها وتبني قراراتها استنادا لما تراه.


ورغم وقوع الكثير من حالات الانتحار قبل وقوع جرائم قتل لم نسمع بمثلها من قبل، وكلها بسبب يتعلق بالإنترنت أو السوشال ميديا أو ألعاب الإنترنت، إلا أننا وجدنا هذه المرة ما يشفي غليلنا إلى حد ما في هذا الأمر، فقد قامت محكمة بريطانية بإصدار حكم تاريخي شجاع بعد انتحار الفتاة ماري، حيث حكمت المحكمة بأن من قتل ماري هو السوشال ميديا وحملت المسؤولية لشركة “ميتا” Meta التي تمتلك الفيسبوك والواتس اب.

ولأول مرة في تاريخ العائلة الحاكمة البريطانية يخرج أمير ملكي هو الأمير وليام ليعلق على هذا الحكم القضائي التاريخي ويقول “لقد آن الأوان لنحمي أبناءنا”. نعم لقد آن الأوان لنحمي أبناءنا من عالم السوشال ميديا، فالأبوان ليسا مجرد بنك يصرف المال للأبناء.


* كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية