العدد 5323
الجمعة 12 مايو 2023
banner
يحيى حقي... لماذا أنا هنا ولست هناك؟
الجمعة 12 مايو 2023

من يقرأ قصص وروايات كاتبنا الكبير يحيى حقي رحمه الله، يكتشف انعزاليته الغامضة عن المجتمع، وغرور وضياع أبطاله، وخيانات ومواقف عاطفية متناقضة، ويأسا ولا مبالاة وتحديا وقسوة، وبالرغم من أنني لم أطلع على معظم أعماله، إلا أنني كونت فكرة عن الوجوه في القصص وما تخفيه من قلق وسأم نابع عن السؤال التجريدي المعروف.. لماذا أنا هنا ولست هناك.


ليس هذا فحسب، بل هناك نسبة من الغموض يكشفها لنا الكاتب عبدالعزيز محمد الزكي عن يحيى حقي، وتحمسنا لهذا النوع من التعريف، فقد كانت نظرته إلى حياتنا الاجتماعية والثقافية، تتسم بلمحة ساخرة تتخذ من السخرية سبيلا للنقد وإبراز العيوب تمهيدا لعلاجها، وسخريته تنم عن نزعة إنسانية أصيلة تنتقد أحيانا في بشاشة وبابتسامة وتتخذ من الدعابة والفكاهة سبيلا للتنبيه عن كل معوج، وقد تنظر أحيانا أخرى إلى بعض أمور حياتنا نظرة قلقة لا تخلو من أسى ومرارة وتجمع بين اليأس والأمل، وإن كانت سخريته لا تخلو من سلبية لاذعة إلا أنها أسلوب خفيف رقيق متواضع يحث على ضرورة التخلص من النقائص الخاصة والعامة حتى نصل إلى حياة أفضل، وأن ما يعلوها من مرارة وحسرة لا يبعث على التشاؤم المطلق لأن هناك أملا في الوصول إلى الحق والكمال.


وتمتاز سخرية يحيى حقي بحسن اختياره نماذج بشرية وشخصيات إنسانية موجودة بيننا، نجح في عرضها في خطوط كاريكاتورية هزلية تثير الضحك أحيانا والحسرة أحيانا أخرى، وتعبر عن براعة أسلوبه التصويري الذي يعتمد على الصدق في إبراز سمات النماذج البشرية التي عرفها عن قرب أو تعرف عليها في مناسبات اجتماعية أو زاملها في ظروف العمل أو تعمقت صلته بها عن طريق الصداقة.


يقول حقي “إن الرجل السمج الغليظ هيهات أن يعد من الشعراء لو كانت له مئة ديوان معترف بها، إن إنسانا تنتفض روحه بهزة من عبقر هو فنان وإن لم يخط كلمة أو يرسم صورة أو يلحن نغمة”.


* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية