العدد 5325
الأحد 14 مايو 2023
banner
المؤتمر العربي الدولي للرياضيات!
الأحد 14 مايو 2023

كم كنت سعيدًا وأنا أشارك في المؤتمر العربي الدولي الثامن لعلوم الرياضيات الذي نظمته جامعة الزرقاء الأردنية خلال الفترة بين 10 - 12 مايو الجاري في العاصمة عمّان.
كم كنت سعيدًا وأنا أتابع جلسات المؤتمر وحلقاته الحوارية ومداخلاته الإبداعية، وهي تتحدث عن علوم المستقبل، عن ذلك الماضي الذي عشت فيه بكل جوانحي وأنا أقوم بتدريس هذه المادة العلمية شديدة الخيال المرتبط بالواقع، وكم كانت الذاكرة حية وموحية وأنا أتابع من خلال أوراق عمل المؤتمر كيفية ربط علوم الرياضيات بمشكلات وقضايا المجتمع، ثم كيف أن هذه العلوم هي التي ساهمت في وضع الأساس النظري لكل ما يتم التعاطي بشأنه في مجالات التكنولوجيا الفائقة والذكاء الاصطناعي ومختلف علوم التقنية التي قفزت على سطح الحياة اليومية للناس.
لم أكن أتصور عندما نتعلم أو نُعلم علوم الرياضيات أنها ستصعد بنا إلى أكثر الآفاق رحابة وأعمق الإنجازات فائدة للبشرية، كان الأمل أننا قد نكتفي ببعض المعادلات، وبعض الإحداثيات التي حددت مواقع “أبوللو” على القمر، وأن هذه الإحداثيات هي الأب الشرعي لتوجيه الصواريخ في الجو وتحليق الطائرات في السماء، وسفن الفضاء خارج جاذبية الكوكب.
كانت العلوم تخبئ لنا ما هو أبعد من ذلك، وما هو أكثر بساطة في كل شيء، إنها تقنية المعلومات التي اعتمدت في البدء على معادلات رياضية قبل أن تذهب إلى علوم الحاسوب؛ لكي يبرمج ما أنجبته الرياضيات وما جاءت به معادلاتها المعقدة أو نظرياتها الدقيقة.
لقد تمنيت وأنا أقضي أيامي الثلاثة الماضية وسط نخبة من العلماء والمتفكرين وأساتذة علوم الرياضيات أن يكون لدينا على أرض الواقع نفحات من التطور الهائل لهذه العلوم، لكل الآليات اللازمة لكي تساهم في تشكيل قاعدة بيانات علمية محورية تتحرك من فوقها كافة العلوم الحديثة التي تمنح الإنسان قدرة أكبر في السيطرة على تمادي الذكاء الاصطناعي، أو على مفاجآت الكون الرهيب، أو على متغيرات المناخ بكل ما يهدد به الكرة الأرضية والبشرية جمعاء في كل فصل من فصول السنة، وفي كل ليلة ظلماء من ليالينا الغامضة.
لقد مرت الـ 72 ساعة الماضية وأنا أفكر كرئيس للمكتب التنفيذي للجامعات ومؤسسات التعليم الخاصة العربية أن يكون لهذا التجمع العربي دور في بناء أرضية صلبة يتحرك علماؤنا عليها بمنتهى السلاسة والمرونة واليُسر ليكشفوا لنا حقائق لم تكن واضحة، وسرائر لم تبدُ للعيان وكأنها بشائر لمستقبل مختلف.
الدعوة مازالت وستظل مفتوحة لجميع الجامعات العربية ومؤسساتها التابعة للانضواء تحت مظلة هذا التجمع العربي العلمي الأكاديمي والتعامل معه من منطلق وحدة عضوية واحدة، تتشابه همومها وتتوحد قضاياها، وإن اختلفت أساليبها وتعددت آلياتها، وتغيرت ملامح توجهاتها.
إن علوم الرياضيات مثلما قرأت في أكثر من ورقة بحثية علمتنا كيفية تنظيم تفكيرنا، وعملية البحث المستمر في تصويب خيالات العلماء والنزول بها إلى أرض الواقع؛ لكي تتماشى مع حاجات الإنسان في أي زمان ومكان.
إن البناء على ما فات بتراتبية معتبرة، ونسق فكري، وإطار وجدول زمني من شأنه أن يضعنا كجامعات خاصة على طريق الإنجازات الصعب، بل وعلى أفق شديد الحساسية للمتغيرات التي تحوم حولنا كلما حاولنا إضافة حل لمعضلة، أو علاج لمشكلة، أو تمهيد لكشف علمي مثير، وكل مؤتمر وأنتم بألف خير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية