العدد 5335
الأربعاء 24 مايو 2023
banner
فضاءات لغوية رضي السماك
رضي السماك
ماذا دار في حديث الحديقة؟
الأربعاء 24 مايو 2023

يُعد الزعيم الوطني مصطفى النحاس باشا، زعيم حزب الأغلبية "الوفد"، من أكثر الزعماء المصريين تمتعاً بسعة الاُفق في ممارسة العمل السياسيي إبان العهد الملكي في مصر، ومع أن حزبه فاز بأغلبية المقاعد في 1950، إلا أنه لم يجد غضاضة في أن يطعّم التشكيل الوزاري حينئذ ببعض الكفاءات غير الحزبية، كتحمسه لتعيين عميد  الأدب العربي العربي وزيراً للمعارف ( التربية والتعليم)، وإن كان هذا التعيين لم يكن يراوده في البداية، إذ كان نجيب الهلالي باشا هو من أشار عليه بهذا الاقتراح بعد أن عرض عليه النحاس تولي وزارة الخارجية، لكن الهلالي اعتذر، فما كان إلا أن عرض عليه وزارة المعارف، فاعتذر عنها أيضاً، وهنا استنكر النحاس باشا أمره قائلاً: أنت خير من توليت هذه الوزارة وكنت موضع إعجاب رجال التربية أجمع.

وعندما طلب النحاس من الهلالي أن يرشح له شخصاً آخر جديراً بهذا المنصب، أشار عليه بطه حسين، فحزم النحاس أمره في الحال، وكان أن توجه إلى بيت حسين بدون ميعاد مسبق، وكان عنده عندئذ مجموعة من الشباب، ثم اختلى  بالعميد في حديقة منزله وفاتحه في الموضوع، لكنه هو الآخر رفض العرض في بادئ الأمر، ولم يقبل تولي الوزارة إلا بعد ضغوط شديدة مارسها عليه النحاس في هذا اللقاء. 

وكان طه حسين قد برر رفضه لعرض النحاس بأربعة أسباب: الأول، أنه ليس حزبياً وفدياً والوفديون المجاهدون أحق منه بهذا المنصب، والثاني أن السراي مافتيء يحمل ضغينة تجاههه منذ فترة طويلة، والثالث أنه ملتزم أمام نفسه وأمام الشباب ببرنامج يود أن يتفرغ له وسبق أن طرحه في عام 1937 ضمن كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" وهذا الكتاب كان في الأصل عبارة عن تقرير كان من المفترض أن يُرفع إلى النحاس نفسه حينذاك، وهو لا يعرف حتى الآن رأي حكومة الوفد المزمع تشكيلها ماذا سيكون موقفها من هذا التقرير- البرنامج الذي ينوي تطبيقه لو قبل الوزارة، وفي القلب من هذا البرنامج تطبيق مجانية التعليم في المرحلتين الابتدائية والثانوية، والسبب الرابع أنه شخص عنده عاهة بصرية. 

لكن النحاس فنّد له الأسباب الأربعة بقوة واحداً تلو الآخر، وطمأنه بدعم الوفد لبرنامجه الإصلاحي في التعليم، وبضمنه مجانية التعليم. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .