العدد 5348
الثلاثاء 06 يونيو 2023
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
جارك لو جار
الثلاثاء 06 يونيو 2023

قد يتوه المعنى بين أكثر من واقعة وتضيع اللغة وما يصاحبها من كلمات، فتظهر الفجوة التي تضيق وتكبر بين عقد زمني وآخر، وإن جاء المعنى واستخدامه مختلفًا في كل عقد ووقت، فلا يصح أن نلقي اللوم على من يوظف اللغة في ذاك الزمن أو هذا، فأنا لست من مؤيدي ذلك إطلاقًا، فالحال يمكن أن يوصف بأكثر من معنى، فمهما جار الحال يبقى هو الجوار الذي تستند إليه الأمور في الأحوال.. والحال بالحال.. فقد كنا في جلسة نقاش منذ أيام مضت، حول أهم العادات القديمة المتوارثة لدى الشعب البحريني في علاقة الجيران ببعضهم البعض، والتي أخفاها الزمن كما أنه لو جار على الجار، وكما أنها ليست مقياسًا نبني عليه المقال، وذلك كما تجور الرياح بهباتها القاسية على الأرض ومن فيها، وقد جاءت دواعي المقال مما يعانيه كل جيل في علاقته مع الجيل الذي يأتي بعده وتفاوت الفجوة والعلاقة بين كل منهما ولو عاشوا في بقعة واحدة!
لذلك، أحمل رسالة صريحة اليوم لكل من جعل حياته مرتبطة بالماضي وذكرياته، ويصر على وجوب بقائه في الدائرة وإلزامه لمن معه بأن يجاوره الحال وألا يجور عليهم رفضًا وغضبًا.. لا هم لهم إلا تقليب الصور القديمة، ونسيان الواقع بما فيه من جمال وصور أقوى، وأقول لهم: اعقدوا الزمن بحبل متين يربط بين عقد وآخر، واجعلوا من كل قيمة عليا لديكم الحلقة التي تربطون بها العقود ببعضها، فما أحوجنا اليوم لوجودكم مع كل حقبة تروح وتأتي، فما من زهوة في هذا الزمن ومباهاة إلا من عقود كانت أجمل، قد مضيتم بها أنتم مع من تآزر معكم لحمل المعنى الحقيقي للجيرة الحسنة في كل شيء، فلا تظنون بأن اختلاف الصور وألوانها قابل لأن يمحو كل أثر، فهو الأصل في تشييد منظومة متوازنة لهذا الزمن الذي ما كان إلا بحجم ما جاء بعزمكم على ربط كل عقدة فيه بروح وفكر وإصرار بأن تلحق بكل ممكن ومتاح.
هذا هو التاريخ الذي جاء ليحمل المعنى الحقيقي للجيرة الحسنة التي كانوا يتحدثون عنها في ذاك الحوار اللطيف، أراها مهمة وهامة للتقارب بين الأجيال اليوم، فكم نحتاجهم لأن يتفاعلوا مع الواقع بدلاً من اللا واقع الذي بات يحاكي أجمل الأحلام لدى جيل يمتلك أرقى قيم الحداثة التي ولدت من قيم الأصالة البحرينية.

كاتبة وأكاديمية بحرينية
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية