+A
A-

أوروبا على مشارف أزمة عقارية.. 148 مليار دولار تتبخر من القطاع

يستعد ملاك العقارات الأوروبيون لموجة جديدة من الآلام، بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض وانخفاض التقييمات التي قضت على 148 مليار دولار من القيمة للمساهمين.

تمتلك شركات العقارات نحو 165 مليار دولار من السندات المستحقة حتى عام 2026، في الوقت الذي تقلل فيه البنوك من تعرضها للصناعة، وتزامناً مع ارتفاع تكاليف الائتمان إلى أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية. وقد ترك هذا بعض الشركات معرضة لخطر تخفيض تصنيفها إلى فئة غير مرغوب فيها أو "Junk"، والتي ترفع تكاليف الاقتراض أكثر بالتبعية.

يذكر أن المخاطر تمثل جزءا كبيرا من تقييم تكلفة التمويل، وبالتالي كلما حصلت الديون على تصنيف مرتفع ضمن الدرجة الاستثمارية كانت الفوائد عليها أقل والعكس.

ويتزامن ذلك أيضاً، مع انهيار في قيم العقارات الإدارية، خاصةً المكاتب من مدينة لندن إلى برلين، مما جعل القطاع العقاري هي الصناعة الأقل شعبية بين مديري الصناديق للشهر الثالث على التوالي، وفقاً لمسح أجراه "بنك أوف أميركا". وفي ظل تضخم الديون، سيتعين على العديد من ملاك العقارات اللجوء إلى بيع الأصول وخفض توزيعات الأرباح، فضلاً عن إصدار أوراق مالية جديدة في محاولة لترقية الشركات من أجل مستقبل أكثر اضطراباً.

من جانبه، قال رئيس منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في "تشاتام فاينانشال"، جاكي بوي: "قد يكون جدار الاستحقاق حافزاً لحدوث المعاملات لأنه إذا لم يكن المقترضون قادرين على إعادة التمويل، فسيتعين عليهم الخروج". "وسيكون هناك المزيد من الأصول المعروضة في السوق، عند مستويات محزنة".

 

الديون حجر الزاوية

كانت شركة العقارات السويدية "Samhallsbyggnadsbolaget i Norden AB"، مثالاً واضحاً على أزمة الديون بين ملاك العقارات الأوروبيين، بعد أن تراجعت أسهمها بأكثر من 90% منذ أعلى مستوى لها على الإطلاق.

وتحولت كومة ديونها البالغة 8 مليارات دولار، والتي استخدمت لبناء محفظة تضم أكثر من 2000 عقار، إلى حجر رحى بعد نهاية عصر المال الرخيص.

ويستخدم مصطلح "عصر المال الرخيص"، كإشارة إلى الفترة التي كانت أسعار الفائدة فيها بالقرب من الصفر، وسط برامج تسهيل كمي من البنوك المركزية لدفع النمو الاقتصادي، وهو الأمر الذي انقلب رأساً على عقب بدايةً من العام الماضي.

وما لم يتمكنوا من تقليص أكوام ديونهم أو انخفاض معدلات الاقتراض مرة أخرى، فمن المحتمل أن تضطر تلك الشركات إلى دفع معدلات أعلى مقابل إعادة تمويل ديونها.

ويضاف إلى هذا أن بعض مديري الأموال نفد صبرهم، ويبيعون الأوراق النقدية إلى الشركات العقارية التي أصدرتها، بما في ذلك "Aroundtown"، و"Heimstaden Bostad" السويدية. وبالتالي أصبح حتمياً على ملاك العقارات، إدارة التزاماتهم، خاصةً أن أسعار الأوراق النقدية عالية الجودة المقومة باليورو انخفضت بمقدار الخمس تقريباً منذ بداية عام 2022، وفقاً لحسابات "بلومبرغ"، التي اطلعت عليها "العربية.نت".

وأطلقت الأزمات الأخيرة الأضواء الحمراء في زوايا سوق الأسهم، والتي لم يتم مشاهدتها منذ الأزمة المالية، حيث تشير مضاعفات السعر إلى القيمة الدفترية الآجل إلى أن هذه الأسهم يتم تداولها بأرخص المستويات منذ عام 2008. وهو مؤشر يقيس قيمة أسهم الشركة مقابل قيمة أصولها.

كما اقتربت عمليات البيع من الذروة إلى القاع منذ أغسطس 2021 من 50%، أو 148 مليار دولار، تاركة مؤشر Stoxx 600 للعقارات عند مستوى قياسي منخفض مقارنة بمؤشر الأسهم الأوروبية القياسي.

وكلفت الاضطرابات الأوسع شركة "British Land Plc" مكانها في مؤشر "FTSE 100" بعد أكثر من عقدين من الزمان من التواجد داخله، بينما تم تخفيض تصنيف مالك حي "Canary Wharf" المالي في لندن إلى مستوى غير هام.

كما تركت أسواق العقارات مجمدة تقريباً مع مطالبة المشترين بعائدات أعلى للتعويض عن مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة ومغادرة المستأجرين. وانخفض سعر مباني المكاتب الرئيسية في باريس وبرلين وأمستردام بأكثر من 30% في 12 شهراً، وفقاً لشركة الوساطة العقارية "Savills Plc".

 

مزيد من الانهيارات

وقد يكون هناك ما هو أسوأ في المستقبل، إذ كتب آرون جاي، المحلل في "سيتي غروب" في مذكرة هذا الشهر: "قد تنخفض قيم العقارات التجارية في أوروبا بنسبة تصل إلى 40% بسبب انقلاب أسواق الديون".

وقد يتعين على ملاك العقارات زيادة رؤوس أموالهم بنحو 50% عند إعادة تمويل أحد الأصول من أجل تلبية المعايير التي تفرضها البنوك وصناديق الائتمان الخاصة. وذلك على أساس معدل إعادة التمويل بنسبة 6%.