كانت أمسية مميزة ومثيرة بمعنى الكلمة، تلك التي كنت أنتظرها بشغف بعد حصولي على الدعوة لحضورها. حفل تدشين كتاب “لميس.. كروموسوم واحد يكفي” كان مؤثرًا جدًا، وكنت مهتما بالحضور لما للمرحومة لميس من مكانة خاصة ليس عند عائلتها فحسب، بل عند الجميع. أتذكر جيدا قصتها عندما استضافها المذيع المبدع إبراهيم التميمي في إحدى الحلقات التلفزيونية قبل عدة سنوات، حين طلبت منه أن تحقق أمنيتها للالتحاق ببنك البحرين الوطني، وحينها حققت إدارة البنك مشكورة أمنيتها والتحقت به.
حقيقة ذهلت بعدد الحضور لحفل تدشين الكتاب، ومكتبة “الكشكول” التابعة لمؤسسة الأيام تستحق كل الشكر والتقدير لاستضافتها كل من يرغب في تدشين كتابه، وهذا ينم عن دعمها الحركة الثقافية والأدبية في مملكتنا الغالية، ولا تفوتني الإشادة بدور المبدع عيسى هجرس الذي أدار فقرات الحفل بكل اقتدار.
في الواقع فرحت وحزنت في الوقت نفسه أثناء متابعتي فقرات الحفل الذي أثبت لي كيف أن الأصحاء لا يشكرون الله على نعمه، وأدركت صعوبة الحياة بالنسبة لهذه الفئة من متلازمي داون، وكيف يستطيعون إثبات وجودهم وقدراتهم واندماجهم في المجتمع، وتخيلت حجم المعاناة والمسؤولية على أولياء أمور هذه الفئة وتحملهم تربيتهم وتعليمهم. لميس المبدعة كما عرفها الجميع كانت متألقة في التمثيل وشاركت في العديد من الأعمال الفنية، كما أنها شاركت في الألعاب الأولمبية في الصين وحققت الميدالية البرونزية في رمي القلة.
بصراحة شديدة تعلمت أشياء كثيرة في تلك الأمسية الجميلة، والشكر موصول إلى عائلة لميس لتبنيهم فكرة إعداد الكتاب ممثلة في شقيقها د. محمد رضا بوحسين وشقيقتها ليلى التي كانت السند الأول لها ولا أنسى الجهود المضنية والحثيثة التي بذلتها مؤلفة الكتاب باسمة القصاب التي أبدعت في طرحها قصة لميس بأسلوب أكثر من رائع.
كما أنه وفي هذا السياق استوقفني الخبر المنشور في الصحف المحلية لاستقبال علي بن الشيخ عبدالحسين العصفور محافظ الشمالية السيد محمد الموسوي الذي يعاني من إعاقة جسدية ورغم كل ذلك وبسبب إصراره وشجاعته استطاع أن يتخرج بجدارة من جامعة البحرين بكالوريوس إعلام. مثل هذه المبادرات الخلاقة والجميلة لا تكلف شيئًا ويستحق المحافظ كل الشكر عليها، وأتمنى من وزارة الإعلام احتضان محمد الموسوي في الوزارة في بادرة لا تخلو من الإنسانية.
* كاتب وإعلامي بحريني