+A
A-

كيف اجتذبت مصر المستثمرين الصينيين من خلال قناة السويس؟

يتجه عدد متزايد من المستثمرين الصينيين إلى مصر بحثاً عن طريق مختصر للأسواق الدولية بفضل قناة السويس والحوافز الضريبية السخية التي تمنحها الحكومة، فضلاً عن موقعها عند تقاطع آسيا وإفريقيا وأوروبا.

في الأشهر الأخيرة، أبرمت مصر صفقات استثمارية مع شركات صينية تزيد قيمتها على 8 مليارات دولار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وتم بناؤها بشكل مشترك من قبل حكومتي الصين ومصر كجزء من مبادرة الحزام والطريق – وهي خطة البنية التحتية العالمية لبكين.

تم بناء المنطقة، التي تغطي أكثر من 455 كيلومتراً مربعاً (176 ميلاً مربعاً)، من قبل منطقة تيانجين للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية (تيدا) ومنذ ذلك الحين جذبت مئات الشركات، معظمها صينية.

وداخل المنطقة، أنشأت الصين 7.34 كيلومتر مربع منطقة صناعية تعرف باسم مدينة تيدا، وهي مشروع مشترك تموله شركة تيانجين تيدا للاستثمار القابضة المحدودة وصندوق التنمية الصيني الإفريقي.

يأتي ذلك، فيما تقدم مصر المزيد من الحوافز الضريبية والاستثمارية لجذب المستثمرين، خاصة في صناعة السيارات ومشاريع وقود الهيدروجين الأخضر والصناعات التكميلية، وفقاً لما ذكره موقع "SCMP"، واطلعت عليه "العربية.نت".

وتسعى مصر إلى وضع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس – وهي منطقة صناعية ولوجستية ضخمة يتم تطويرها على طول القناة تتكون من 6 موانئ رئيسية و4 مناطق صناعية - كمركز إقليمي لتجارة الوقود الأخضر. وتعتمد على الشركات الصينية لتحقيق هذا الطموح.

وعلى سبيل المثال، تخطط مجموعة الطاقة الصينية المملوكة للدولة "China Energy Engineering Corporation"، لبناء مصنع هيدروجين أخضر بقيمة 5.1 مليار دولار أميركي لتصدير الأمونيا إلى الأسواق الأوروبية.

من جانبه، قال مدير شركة الاستشارات "ماكلارتي أسوشيتس" بواشنطن، محمد سليمان، إن الموقع الاستراتيجي لقناة السويس وأهميتها للتجارة العالمية يجعلانها جذابة للشركات الصينية، إذ يربط الممر المائي البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر وهو أقصر رابط بحري بين آسيا وأوروبا، أكبر أسواق بكين.

وقال سليمان إن الشركات الصينية على وجه الخصوص أبدت اهتماما بالاستثمار في المنطقة. "هذا الاستثمار يسمح للشركات الصينية بالوصول إلى الأسواق الإفريقية والأوروبية بكفاءة أكبر والاستفادة من الموقع الاستراتيجي للقناة".

وفي أواخر مايو، زار وفد من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس المدن الصينية، بما في ذلك بكين وتيانجين وقوانغتشو وهانغتشو وهونغ كونغ، حيث بلغت قيمة الصفقات أكثر من 3 مليارات دولار أميركي تغطي مجموعة من السلع مثل المواد الكيميائية والمنسوجات والملابس والطاقة والأنابيب، وتم التوقيع على إنشاء مصانع للحديد والصلب.

وتعتمد القاهرة على قناة السويس، التي يمر من خلالها أكثر من 10% من التجارة العالمية أو حوالي 18 ألف سفينة سنوياً، يحمل العديد منها شحنات من الصين متجهة إلى أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط.

وخلال الرحلة، التقى رئيس مجلس إدارة الهيئة، وليد جمال الدين، بجيا شيروي، رئيس شركة "Xinxing Ductile Iron Pipes"، بشأن إنشاء مصنع أنابيب مقترح بقيمة 2 مليار دولار أميركي في المنطقة الصناعية السخنة شمال غرب خليج السويس.

وسينتج الاستثمار 250 ألف طن من أنابيب حديد الدكتايل سنوياً، مع خطط لمضاعفة هذا الإنتاج في المرحلة الثانية، بالإضافة إلى 15 ألف طن من المسبوكات سنوياً.

كما التقى وفد مصري مسؤولين من مجموعة "Hidier Power" ومقرها بكين، ووقعوا صفقتين بقيمة 365 مليون دولار أميركي مع شركة "Teda Investment" الصينية الإفريقية لبناء محطة كهرباء في المنطقة ومنشأة لأنظمة الاحتراق المتقدمة.

وخلال رحلة الصين، قامت شركة "Shandong Tianyi" المنتجة للبتروكيماويات بوضع خطط لإنشاء مصانع إنتاج البروم والصودا الكاوية وغيرها من مصانع إنتاج الكيماويات الصناعية في مدينة تيدا باستثمارات إجمالية قدرها 310 ملايين دولار أميركي.

وكجزء من مشروع بقيمة 300 مليون دولار أميركي، ستقوم "Chengfeng Iron and Steel"، و"Sinoma CDI" بإنشاء مجمع لإنتاج الحديد على مساحة 750،000 متر مربع (8 ملايين قدم مربعة) في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، على مرحلتين.

وأوضح جمال الدين أن نحو 137 شركة و51 مصنعا مسجلة وتعمل داخل المنطقة.

وتعد "Jushi Group"، إحدى الشركات الصينية الكبرى العاملة في المنطقة، وهي أكبر شركة مصنعة للألياف الزجاجية في العالم، والتي أقامت عملياتها في مصر في المنطقة الصناعية "تيدا" في عام 2012 ولديها الآن طاقة إنتاجية تبلغ 340 ألف طن ويعمل بها أكثر من 2000 موظف.

وتشارك الشركات الصينية في العديد من المشاريع المصرية الأخرى، بما في ذلك بناء منطقة أعمال مركزية جديدة في العاصمة الإدارية الجديدة في البلاد - وهي جزء من تطوير ضخم من قبل شركة هندسة التشييد الحكومية الصينية.

بدوره، قال الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، الدكتور جون كالابريس، إن المستثمرين الصينيين انجذبوا إلى مصر لأنها تقع عند تقاطع الخليج وأفريقيا وأوروبا. حيث تشكل خطوط النقل متعددة الوسائط التي كانت الصين أساسية في تحديثها الشرايين التجارية التي تربط الصين بجميع هذه الأسواق الإقليمية الثلاثة وكذلك بمصادر الطاقة والمواد الخام الهامة الأخرى.

وأضاف: "أن الصلات السياسية والمؤسسية بين بكين والقاهرة، إلى جانب التفضيل المشترك للتنمية التي تقودها الدولة، ساعدت على تقوية أواصر التعاون الاقتصادي."

ومع ذلك، قال كالابريس إن هناك مخاطر بالنسبة للصين، بالنظر إلى المشاكل الاقتصادية في مصر. وقال "لكن ربما يكون من المفيد ألا يريد أحد أن تفشل مصر".

تتطلع الشركات اليابانية والهندية والشرق أوسطية أيضاً إلى فرص بالقرب من قناة السويس.

عندما زار رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا مصر في أواخر أبريل، وعد بأن الشركات اليابانية ستستثمر في المنطقة. وقال كالابريس إنه لم يفاجأ بدخول اليابانيين اللعبة لأنهم سعوا خلال العام الماضي أو أكثر إلى تعزيز الاستثمار والعلاقات الأخرى مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

يكاد يكون من المؤكد أن طوكيو تعتبر مصر بوابة لأفريقيا، مثلما تفعل بكين. وقال كالابريس إنني أتوقع زيادة مشاركة الاتحاد الأوروبي [أو] أوروبا أيضاً، بالنظر إلى الاهتمام باستغلال الغاز في الخارج.

ومع ذلك، قال سليمان إنه بينما كانت الشركات الصينية مستثمرة بارزة في المنطقة، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنها تهيمن على جميع القطاعات.

وأوضح سليمان: "لليابان مصالحها الاقتصادية الخاصة وقدراتها التي يمكن أن تسهم في تنمية المنطقة".

وقال إنه مع استمرار تطور المنطقة وجذب الأموال، قد تحرز الشركات اليابانية تقدماً وتشارك في نموها، اعتماداً على الفرص والحوافز التي تقدمها الحكومة المصرية.