من الوهلة الأولى وأنت تزور مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء" ستندهش من الخارج وأنت تشاهد الكتلة المتراصة، التي يبلغ ارتفاعها 90 مترًا (295 قدمًا)، والتي تطل على الطريق الدائري في الظهران، ويعتبر المعلم الأكثر شهرة في المنطقة الشرقية ومركز الفن والثقافة في المملكة العربية السعودية ضمن مبادرات أرامكو.

 يعد تكوين المبنى المذهل وحدائقه سببًا كافيًا لقضاء يوم كامل، لكن تكثيف هذا المركز متعدد الأوجه وزيارة قصيرة لن ينصفها، المركز جاء تماشيًا مع أحد الأهداف الرئيسية لرؤية 2030، رؤية المملكة العربية السعودية للمستقبل لتسليط الضوء على تراثها وثقافتها النابضة بالحياة، ويساهم إثراء في تشكيل نهضتها الثقافية والفنية في المنطقة الشرقية بصورة كبيرة.

حصل مؤخرًا المركز على شهادة "LEED" عن الفئة الذهبية للأبنية المستدامة من مجلس المباني الخضراء العالمي؛ وذلك لتحقيقه كافة معايير الأبنية المستدامة المتعلقة بعمليات الصيانة والتشغيل والعمل على تطبيق كافة الاشتراطات داخل مرافق المبنى، ونظير جهوده في استحداث العديد من البرامج البيئية المتعلقة بالحفاظ على الموارد وترشيد استهلاكها والعمل على إعادة تدوير العديد منها، وتم التصويت على "إثراء" كواحدة من أعظم الأماكن في العالم في مجلة تايم في عام 2018، وهو ما يعني "الثراء من المعرفة" باللغة العربية.

أعلنت أرامكو عن خطط المركز في عام 2008 وفي ديسمبر 2017، بعد ما يقرب من عقد من الزمان، افتتح العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود المبنى الذي يحتوي على مكتبة تضم أكثر من 220000 مجلد، ومسرح وسينما ومتاحف ومعارض، ومعرض للطاقة وأرشيف ومختبر أفكار وبرج معرفة يضم 18 طابقًا من المساحة التعليمية لورش العمل والدراسة والترفيه.

الهندسة المعمارية المذهلة للمركز التي صممتها شركة Snøhetta ومقرها أوسلو، ملهمة مثل أي عمل فني داخل صالات العرض، فهو مستوحى من أشكال التكوينات الصخرية الحاملة للنفط، مصدر ثروة الطاقة في المملكة، وهو عبارة عن مجموعة متنوعة من الصخور ذات الأحجام المختلفة، والتي ترمز إلى التنوع، كما أن هذه الصخور تتكئ على بعضها البعض لتمثل التضامن والترابط بين مختلف التخصصات.

 يعقد برج المعرفة ورش عمل تعليمية في الفن والإعلام والأدب وغيرها من المجالات الإبداعية على مدار العام، بالإضافة إلى أكاديمية إثراء، ويستضيف مسرح المركز 50 عرضًا وعرضًا موسيقيًّا دوليًّا، وبالطبع الحدث الكبير وهو تقديم مهرجان أفلام السعودية بالشراكة مع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ودعمه سنويًّا.

 بالإضافة إلى الفعاليات وورش العمل الخاصة، تفتح صالات العرض والسينما في المركز ستة أيام في الأسبوع، وتضم صالات العرض الثلاث فنانين إقليميين وعالميين وسعوديين المولد وتعرض السينما أفلامًا تعليمية وثقافية أدّت حتى الآن إلى تدفق الزوار دون توقف من داخل السعودية وخارجها.

ويهدف المركز من خلال برامجه المختلفة إلى تشجيع التفكير الإبداعي وإعداد قوى عاملة مستقبلية يمكن أن تسهم في نمو المملكة العربية السعودية في الأفكار والمعرفة. يتضمن إثراء برامج تعزّز مهارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) لدى الشباب والتي يمكن أن تزرع بذور النمو والابتكار والنجاح.

 يستضيف برج المعرفة حوالي 2000 ورشة عمل سنويًّا في مواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إلى جانب الفنون والوسائط المتعددة، ويهدف إلى الوصول إلى 80,000 طالب سنويًّا، وتمكين الشباب السعودي من تبني المهارات اللازمة لمستقبلهم، إنه مكان ثقافي مهم للزيارة من العائلات البحرينية، خصوصًا مع عطلة الصيف الطويلة، المركز واحة الثقافة في الشرقية ومكان جدير جدًّا للزيارة والتجربة.