+A
A-

هل يحق للبنك مطالبتنا بسداد قرض والدتنا المتوفاة؟

تستقبل “البلاد” مختلف الاستفسارات وطلبات الاستشارة القانونية. وجرى التعاون مع نخبة من المحامين المرموقين الذين تفضلوا بالموافقة على الإجابة عن استفسارات القراء، التي وصلت لبريد معد الزاوية ([email protected]) أو من خلال حسابات “البلاد” بمنصات التواصل الاجتماعي. وللسائل ذكر اسمه إن رغب.  ومعنا في زاوية اليوم  المحامي حسن ميلاد

 

السؤال: استفسر “مختار” قائلاً “توفيت والدتي قبل 9 أشهر، وكانت مديناً إلى أحد البنوك بقرض شخصي، إلا أننا فوجئنا كورثة بمطالبة البنك لنا بسداد القرض متذرعين بمستند وقعته بعدم ممانعتها من مطالبتنا من قبل البنك بالسداد بعد وفاتها لكون التأمين لا يغطيها لكبر السن، فهل يحق لهم ذلك؟”

 

المحامي حسن ميلاد: قررت محكمة التمييز البحرينية في حكمها الصادر (بجلسة الأول من فبراير سنة 2022 - في الطعن رقم 877  لسنة 2021) على أنه: “من المقرر أنه إذ كان لا منازعة في انتقال حقوق المورث كافة إلى الوارث، إلا أنه بالنسبة لالتزاماته، فإن ديون المورث تكون متعلقة بتركته التي تؤول إلى ورثته، فلا يسأل الوارث عن ديون مورثه إلا في حدود ما آل إليه من هذه التركة، إعمالا للقاعدة الشرعية أنه لا تركة إلا بعد سداد الدين، أي أن حقوق المورث تنتقل إلى وارثه مثقلة بديون هذا المورث”.
ولما كانت المادة 133 تنص من القانون المدني على أنه: “تنصرف آثار العقد إلى المتعاقدين والخلف العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث – على أن آثار العقد لا تنصرف إلى الخلف العام لأحد المتعاقدين أو كليهما، إذا اقتضى ذلك العقد أو طبيعة التعامل أو نص في القانون”.
ومؤدى النص سالف البيان أن الأصل في آثار العقد لا تقتصر على المتعاقدين، بل تجاوزهم إلى من يخلفهم خلافة عامة من طريق الميراث أو الوصية واستثناء من هذا الأصل، لا تنصرف آثار العقد إلى هذه الفئة الأخيرة، إذا كانت العلاقة القانونية شخصية بحتة، وهذه تستخلص من إرادة المتعاقدين صريحة كانت أو ضمنية، أو من طبيعة العقد أو من نص القانون.
ومن المعلوم أن الحقوق المالية للمورث تنتقل إلى ورثته عن طريق الميراث كسبب من أسباب نقل الملكية، فيما عدا ما كان ينقضي عنه بموته، أو كان متصلا بشخصه أو متوقفا على مشيئته، فالوارث يعتبر خلفا في تلك الحقوق، ولا يرد على هذا الأصل سوى ما هو مقرر شرعا من أنه لا تركة إلا بعد سداد الدين، فإذا مات المورث عن دين في ذمته، بقي الدين في التركة ولا ينتقل إلى ذمة الورثة، ويكون لدائني التركة أن ينفذوا على أموال التركة، حتى لو تصرف فيها الوارث، وليس لهم أن ينفذوا على أموال الوارث الشخصية وذلك لكون شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، وأن أموال وأعيان التركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة؛ لذا فإن ديون المورث تتعلق بتركته بمجرد الوفاة، ويكون للدائنين عليها حق عيني، فيتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة، ولا تنشغل بها ذمة ورثته، ومن ثم فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً.
ومن المعلوم أنه لا منازعة في انتقال حقوق المورث كافة إلى الوارث، إلا أنه بالنسبة لالتزاماته، فإن ديون المورث تكون متعلقة بتركته التي تؤول إلى ورثته، فلا يسأل الوارث عن ديون مورثه إلا في حدود ما آل إليه من هذه التركة، إعمالا للقاعدة الشرعية أنه لا تركة إلا بعد سداد الدين، أي أن حقوق المورث تنتقل إلى وارثه مثقلة بديون هذا المورث.
وعطفاً على ما تقدم لا يحق للبنك العامل في مملكة البحرين مطالبة الورثة بسداد ما اقترضه مورثهم إلا في حدود ما آل إليهم من تركة المورث، وذلك لانعدام الرابطة العقدية بين الورثة والبنك، وتوقيع إقرار من قبل المورث بعدم ممانعته من الرجوع على الورثة في أموالهم الشخصية لسداد دينه مخالف لصحيح القانون ولا أثر له، مقتضى ذلك عدم جواز الرجوع على الورثة إلا في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم.
وكما يتوجب على الورثة في حال تعرضهم لمثل هذا الموقف رفع دعوى فتح وحصر تركة لدى المحاكم الكبرى المدنية، حيث يتم رفع هذه الدعوى من قبل الورثة ويتم فيها اختصام البنك وكافة دائني المورث، وبعد تنفيذ التزامات التركة بتحصيل ما على المورث من ديون في ذمته يؤول ما بقي من أموالها إلى الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي المقرر في الفريضة الشرعية.
وأخيراً يجب التنويه على أن هذه معلومات عامة ولا تغني عن الاستشارة الدقيقة التي تحتاج لتوفير معلومات أكثر دقة والوقوف على تفاصيل الوقائع؛ نظراً لتفرد كل حالة عن الأخرى مما يتغير معه الوصف والصبغة القانونية للوقائع.