+A
A-

المؤسس فوزي بهزاد لـ"البلاد": هكذا تأسست بورصة البحرين

استلهمتُ‭ ‬من‭ ‬سموه‭ ‬التفاؤل‭ ‬والطموح‭ ‬وكان‭ ‬يزيد‭ ‬أفكاري‭ ‬أفكارًا

سموه‭ ‬وجّهني‭ ‬للتنظيم‭ ‬والتطوير‭ ‬بقطاع‭ ‬شركات‭ ‬المساهمة‭ ‬العامة

تخصصت‭ ‬في‭ ‬دراستي‭ ‬بأميركا‭ ‬في‭ ‬الأوراق‭ ‬المالية

البحرين‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مراحل‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بها‭ ‬فراغ‭ ‬قانوني

رجعت‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬العام‭ ‬1984‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬البنوك‭ ‬مكدسة‭ ‬بأوراق‭ ‬بلا‭ ‬قيمة

يعيش‭ ‬المرء‭ ‬مع‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬جو‭ ‬التفاؤل‭ ‬في‭ ‬الخطة‭ ‬والوضوح

التقطت‭ ‬بمحض‭ ‬الصدفة‭ ‬بالعام‭ ‬1982‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬يتحدث‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬البورصة

 

التقت "البلاد" مؤسس بورصة البحرين، وأحد رجال الاقتصاد والمال المعروفين الدكتور فوزي بهزاد بحديث عن مراحل تأسيس البورصة، وما واكبها من تغيير مفصلي في عمل أسواق المال في البحرين، وفق الرؤية العالمية المعاصرة والتي تقوم على مواكبة التطور الذي تشهده الأسواق الاقتصادية، وما يجب العمل به حينها.

وأشار بهزاد بحديثه الى الدور الكبير الذي قدمه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، في هذا الأمر، حيث كان المساند الأول لذلك، بحديث هذا نصه.

يقول بهزاد" البداية مع مسيرة البورصة كان حين التقطت، بمحض المصادفة العام 1982م، مقابلة بمجلة سعودية باللغة الإنجليزية، مع وزير المالية البحريني آنذاك إبراهيم عبدالكريم عن توجه الدولة نحو تأسيس بورصة، وكنت حينها أعمل في القطاع المصرفي".

وأضاف" رأيت بأن البحرين بعد أزمة سوق المناخ الكويتي، وتبعاتها السيئة في البحرين، سواء على المؤسسات المالية أو التجار، أو الدولة والتي تضررت بحجم التسهيلات المصرفية والتي قدمت لهؤلاء المستثمرين وانهيار اسهمهم بشكل كبير جداً".

وأردف" أرادت الحكومة انعاش هذا القطاع من جديد، وعليه فلقد غيرت مسار أطروحة الدكتوراة بعد مرور أربعة شهور من بنوك "الأفشور" الى بورصة البحرين، فسألوني بالجامعة: في البحرين ما عندكم بورصة فكيف ستكتب عنها؟ فأجبت: سأعمل نموذج لبورصة تصلح للبحرين، لأننا بحاجة لها، وأنا سآخذ الأمر على عاتقي لإعادة الثقة للاقتصاد".

وزاد بهزاد" كانت أزمة سوق المناخ، أزمة متنوعة على كافة المستويات،  مالياً، واقتصادياً، واجتماعياً، تضرر بها بكل بيت، واصبح الكثيرون مكبلون بالديون، والعديد من الأسر نزل مستواها الاقتصادي الى الأسفل، ولم يعد هنالك توسع اقتصادي بالبلد، أو شركات جديدة تخرج للعلن".

وأردف" تخصصت في دراستي بأمريكا في الأوراق المالية، وعملت نموذج لسوق الأوراق المالية، وبعد أن رجعت للبحرين، كان الموجود حينها اسهم وشركات فقط، وكان المفقود النظام الذي يرتب عملها، وكان المعمول به آنذاك نظام كنت أسميه بالابتدائي".

وقال بهزاد" كنت افكر كيف لهذه العناصر (الشركات والبنوك) لها أن تتحرك، وما المسؤولية التي عليها؟ وما الحقوق التي لها؟ والجواب هو ان التنظيم من يحدد ذلك، وكان النموذج الذي وضعته لسوق الأوراق المالية، هو النموذج الإداري والفني لسوق الأوراق المالية الذي تحتاجه البحرين، خصوصاً في تلك الأزمة الخانقة".

وتابع"وبينما كنت في مجلس سمو الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة ابن رئيس الوزراء صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان طيب الله ثراه، دخل علينا سمو الشيخ خليفة، وقربني اليه، وسألني عن اهتماماتي، فقلت له بصراحة لدي أربعة اهتمامات، فسألني سموه: ما هي؟ فأجبت:  البورصة، وديوان للرقابة والمحاسبة، وهيئة عامة للاستثمارات الدولة (الصناديق السيادية حالياً)، وأخيرا مجلس للتخطيط للدولة".

وأكمل" انتهى الحديث بهذا الاستعراض للاهتمامات الخاصة، وفي اليوم التالي توقعت بأن الأمر انتهى، لكنني تلقيت اتصال من مكتب سموه الكريم، ابلغوني بتوجيهاته بأن أزور وزارة المالية، لثلاثة أمور وهي إدارة استثمارات الدولة، والرقابة والمحاسبة، والتخطيط المالي، والتي كانت موجودة بشكل إدارات في الوزارة".

وقال بهزاد" أشير هنا، بأن البحرين وفي كل مراحل بناء الدولة، لم يكن بها فراغ، ولقد اختلفت عن الدول الأخرى بأنها لم تترك أي قطاع بدون أي متابعة قانونية، فالتشريع قائم البحرين، ومنذ سنين طويلة، فالوزارة كانت تأتي بمرسوم اميري، يؤسس بها الهياكل الإدارية، وتدمج تحتها الوظائف، وما ذكرته موجود في الهيكل الإداري".

وتابع" سموه كان يؤكد على موضوعين اثنين في لقاءاتنا، وهي حاجة البلد والناس، بعودة الثقة لقطاع شركات المساهمة العامة، كهدف يجب أن نعمل عليه، فأزمة سوق المناخ حدثت 1982م، وانا رجعت من الدراسة سنة 1984م ولا تزال البنوك مكدسة بخزائنها الأرواق (شهادات الأسهم)، ولكنها بلا قيمة، لأن الورقة المالية اذا لا تستطيع البنوك بيعها، فهي مجرد (قراطيس)".

وأكمل" التكليف الآخر لسموه بعد التنظيم، وهو التطوير، حيث كُلفت في فبراير 1985م كمستشار لدى وزير التجارة والزراعة آنذاك حبيب قاسم رحمه الله، فقال لي: منذ أن تريد أن تبدأ يا دكتور؟ فقلت: من التسمية؟ وبحيث نؤسس شيء أكبر، ولأن البورصة هي المرحلة الأخيرة من الأسم، وتشمل بيع وشراء الأسهم، وما بعد ذلك، ولكن الطموح بأن نؤسس سوق البحرين للأرواق المالية، والذي يشمل سوق الإصدارات (السوق الأولي)".

وزاد" ولذا عملنا على الأمر من جانبين، السوق الأولي (من حيث التنظيم)، والسوق الثاني (التداول) والذي يشمل مرحلة ما بعد الإصدار، وعملنا صياغة لأول قانون بالقلم الرصاص، للتصحيح والمراجعة، وظللنا كذلك حتى صغنا القانون، وعرض على وزارة الدولة للشئون القانونية، الى أن وصلنا الى الصيغة النهائية، وصدر القانون سنة 1987م".

وأردف بهزاد" عملنا بعدها على اللوائح الإدارية، وتعين مجلس الإدارة من قبل رئيس الوزراء، وبعد عامين من العامل، اكتملت المنظومة، فرفعناها للحكومة (العام 1989م)، ومن خلال اللجنة الوزارية للشئون المالية والاقتصادية برئاسة سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، تم رفع التقرير الشامل لسوق البحرين للأوراق المالية، من قانون، وتنظيم، ولائحة، وهياكل ادارية، وميزانيات، لمجلس الوزراء، حيث اعتمدها، وباركها، وكلفنا حينها بتأسيس البورصة".

وقال بهزاد ختاماً" لقد كان سمو الشيخ خليفة بن سلمان طيب الله ثراه -وهي كلمة اذكرها للتاريخ- حين يتكلم عن الاقتصاد وتنمية الدولة، تعيش مع سموه جو التفاؤل، سواء بالخطة، وبالوضوح في أين يريد أن يأخذ الدولة، فكنت كلما أطرح لسموه أفكار، فكان يزيدني بأفكار اكثر، وحين اتفاعل بطموح الشباب، كان يزيدني تفاعلاً وطموحاً".