+A
A-

المستثمرون في البحرين والخليج يفضلون أسواق المال المحلية

بقلم مانبريت جيل  مدير الاستثمار في بنك ستاندرد تشارتردتحيز الاستثمار المحلي، أو تفضيل المستثمرين تخصيص حصة كبيرة من أموالهم للأسواق المالية المحلية بدلًا من التنويع عالميًا، يعتبر توجها رئيسا من جانب المستثمرين في معظم الأسواق. 
ودول مجلس التعاون الخليجي بما فيها البحرين، ليست استثناءً لهذا التحيز المحلي، فقد تم ملاحظة أن التوجه للاستثمار المحلي يفوق بكثير التنويع الدولي، ولكن لماذا ما يزال هذا التحيز المحلي مستمرًا في سوق متعددة الجنسيات مع سهولة الوصول إلى مجموعة متنوعة من الأدوات المالية في فئات الأصول؟
قامت دراسة حديثة من قبل مصرف أتلانتا بقياس حجم تحيز الاستثمار المحلي، من خلال دراسة تخصيص المستثمرين الفعلي للأسهم المحلية، مقارنةً بوزن تلك الأسواق في الأسواق العالمية من منظور رأس المال السوقي. 
على سبيل المثال كانت الأسهم الأميركية تشكل حوالي 50 % من رأس المال السوقي العالمي في وقت الدراسة، ولكن البيانات أظهرت أن المستثمرين الأميركيين قاموا بتخصيص نحو 90 % من استثماراتهم في الأسهم للأسواق الأميركية، وكانت هذه الفجوة أكبر حتى في حالة الأسواق الرئيسة الأخرى، حيث لوحظ أن زيادة كبيرة في تحيز للمستثمرين للاستثمار بشكل أساسي في الأصول المالية المحلية.
كما قامت دراسات مختلفة بمحاولات لفهم سبب تفضيل المستثمرين لهذا الاختيار، وأحد الاحتمالات هو تكلفة الاستثمار على المستوى العالمي، حيث يمكن أن تكون هذه التكلفة مرتفعة للغاية في بعض الأسواق، على الرغم من أنه في العديد من الأسواق الكبرى غالبًا ليست مرتفعة بما يكفي لتفوق فوائدها من حيث عائدات الاستثمار وتقليل التقلبات.
الاحتمال الثاني هو الاختلاف في معلومات السوق، حيث إن المستثمر يعرف تماما السوق المحلية التي يستثمر فيها يأتي، ولكن بينما يعتبر فهم الاستثمارات الخاصة بالفرد مطلبًا معقولًا، فقد لاحظت الدراسة المذكورة من قبل البنك المركزي الأميركي أن التكلفة الضمنية للفوائد المفقودة من التنويع على المستوى العالمي يبدو أنها مرتفعة جدًا.
الاحتمال الثالث هو تجنب تحمل مخاطر العملات الزائدة، بينما قد يكون هذا أمرًا أقل تحديًا في أسواق الأسهم، حيث يميل تقلب العملات الأجنبية إلى أن يكون جزءًا أصغر من عوائد الاستثمار على المدى الزمني، إلا أن ذلك يمكن أن يشكل جزءًا أكبر من عوائد فئات الأصول مثل السندات.
كما عملت العديد من الدراسات في السنوات الأخيرة على دراسة التحيز نحو السوق المحلية بين المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي، وتشير النتائج إلى أن المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي يظهرون تحيزًا قويًا نحو السوق المحلية والإقليمية.
يتفاوت مستوى التحيز نحو السوق المحلية في المنطقة، وتوصلت إحدى الدراسات إلى أن المستثمرين المحترفين في قطر يعانون من تحيز أقل نسبيًا نحو السوق المحلية مقارنةً بمستثمري الصناديق في الأسواق المجاورة. 
وبينما هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر على درجة التحيز نحو السوق المحلية، إلا أن أحد التأثيرات الرئيسة هو مجموعة الفرص المتاحة في السوق المحلية في نقطة زمنية محددة.
وفيما يتعلق بالمستثمرين الأفراد المغتربين، فإن معظم الدراسات تشير إلى أنهم يعانون من تحيز نحو السوق المحلية، ولكن بشكل رئيس نحو أسواق بلدهم الأصلي.
ويبدو أن هذا ينطبق على المنطقة بأكملها، وليس فقط في قطر، وهذا ليس غريبًا، فأحد العوامل الأكثر احتمالًا التي تؤثر في التحيز نحو السوق المحلية هو المعرفة بالسوق المحلية. 
وهذا قد يؤدي إلى تشكيل محافظ استثمارية غير مثالية؛ لأن المستثمرين عادةً ما يستفيدون من التنويع على المستوى العالمي قدر المستطاع عبر المناطق وفئات الأصول والعملات.
وقد يؤدي التحيز المفرط للاستثمار في السوق المحلية إلى إلحاق ضرر بصحة محفظة للفرد؛ نظرًا لعدم التنويع للحد من تأثير التقلبات المحتملة على المستوى المحلي أو الإقليمي. 
على سبيل المثال، يمكن لشخص يعمل في صناعة الطاقة، والذي تقتصر استثماراته على سوق الأسهم المحلية التي تحتل مركزًا كبيرًا في قطاع الطاقة، أن يتعرض لمضاعفة مخاطر التركيز في صناعة واحدة. وأي تراجع اقتصادي طبيعي دوري في الصناعة قد يشكل خطرًا على المستثمر غير المتنوع، حيث تتراجع أرباحه الشخصية ومحفظته الاستثمارية في نفس الوقت.
ويمكننا رؤية هذا التأثير من حيث التعرض للعملات كما يوضح الجدول أدناه، حيث خسرت العديد من العملات الرئيسة بما في ذلك الأسواق الناشئة قوتها أمام الدولار الأميركي القوي بشكل غير عادي خلال السنتين الماضيتين. وعلى الرغم من أن ذلك يمكن أن يتحسن جزئيًا في حالة تراجع الدولار الأميركي في العام 2023 كما نتوقع، فإن تخصيصًا صغيرًا خارج الأصول المحلية يمكن أن يساعد في تطوير أداء الاستثمار.
التحيز نحو السوق المحلية بطبيعته يعني تعرضًا أكبر بشكل مفرط للعملة المحلية، وعلى الرغم من أن هذا يساهم في التخفيف من مخاطر صرف العملات الأجنبية إلا أنه لا يزيلها تمامًا.
في حين أن الأسواق المالية الدولية المتكاملة تظل حلمًا وأن التكاليف المنخفضة للمعاملات والمعلومات قد تساعد بالتأكيد في انخفاض التحيز نحو السوق المحلية بشكل كبير، إلا أنه يجب على المستثمرين اتخاذ قرار واعٍ بالتنويع على المستوى العالمي، حيث تتيح الفوائد إمكان التنويع الأكبر للمحفظة وتوزيع أكثر كفاءة لموارد رأس المال.