+A
A-

هل ترفع “المدارس الخاصة” الرسوم “وفق هواها”؟

على الرغم من تكرار شكوى العديد من أولياء أمور الطلبة الدارسين في المدارس الخاصة بمختلف المراحل من ارتفاع الرسوم والطلبات التي تثقل كواهلهم، إلا أنه في المحصلة، تكتفي إدارات المدارس الخاصة بالقول إن أي إضافة للرسوم، لا تجري وفق “هوى المدرسة”، بل وفق قانون المؤسسات التعليمية والتدريبية الخاصة. ومن الواضح، أن إدارات عدد من المدارس الخاصة التي تواصلنا معها تجمع على أن هناك بالطبع زيادة في الرسوم في بعض الأعوام الأكاديمية، لكن ذلك لا يتم إلا وفق المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1998، ولا توافق وزارة التربية والتعليم على أي زيادة في الرسوم، إلا بعد مراجعة الطلب وبحث مبرراته ثم بعد ذلك توافق على الطلب أو ترفضه.


لا يجوز
وبالعودة إلى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1998، أي قانون المؤسسات التعليمية والتدريبية الخاصة في مادته السادسة عشرة، نصًا “تلتزم المؤسسة التعليمية أو التدريبية الخاصة بالرسوم المقررة على الطلبة أو المتدربين المعتمدة من الوزارة، ولا يجوز تعديلها إلا بعد موافقة الوزارة المعنية”، وبناءً على التكاليف التشغيلية من كفاءة المعلمين وتطوير المنشآت وتحسين الأداء وجودة الخدمات، تضاف بعض الرسوم، حسب قول بعض الإداريين بالمدارس الخاصة.


فترة السبعينات
وتعود زينب الدرازي بحسب خبرتها كمعلمة إلى فترة السبعينات التي بدأ فيها ظهور المدارس الخاصة بشكل بسيط، وآنذاك كانت المدارس تقبل أعدادًا محدودة من الطلبة، ففي تلك الفترة بدا أن النشاط التجاري والاقتصادي يتطلب خريجين ملمين باللغة الإنجليزية، والحال أن رواتب القطاع الخاص أفضل من رواتب القطاع الحكومي، لكن العمل في الشركات والمصارف وغيرها يتطلب إجادة للغة الإنجليزية، فاتجه الكثير من الناس لتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة استعدادًا للمستقبل الذي لن يجد فيه الخريج وظيفة مرموقة إن لم يكن ملمًا باللغة الإنجليزية.


وتزامن الوقت أيضًا مع افتتاح معهد خاص لتعليم اللغة الإنجليزية استقطب أبناء الطبقة الوسطى، بل ومختلف الشرائح، إذ كان الكثير من الطلاب والطالبات يعيدون مادة اللغة الإنجليزية بعد الرسوب فيها، ويختار أولياء الأمور، الذين تتراوح رواتبهم آنذاك بين 600 إلى 800 دينار، التعليم الخاص.


جودة التعليم
وتشير الدرازي إلى أن هناك جوانب أخرى، منها عوامل اجتماعية أسهمت في الاتجاه إلى المدارس الخاصة ذات الرسوم المعقولة وتعليمها بجودة عالية، وجراء الوضع الاقتصادي والالتزامات المالية المتزايدة على أولياء الأمور، انخفض تسجيل أبناء فئة كبيرة من المواطنين في المدارس الخاصة، أما جوانب مثل المباهاة بأن أبنائهم يدرسون في مدارس خاصة لدى البعض فهي أهم من مستوى التعليم، ولأنني عملت في التعليم وكذلك في قطاع التأمين، فكنت وما زلت أنصح الناس على الادخار للدراسة الجامعية للأبناء مستقبلا.


الظروف المعيشية
هل هناك انقسام في التفضيل بين المدارس الحكومية والخاصة بين أولياء الأمور؟ يرى صالح يوسف “ولي أمر” أن هذا واقع حسب الظروف المعيشية لكل أسرة، بل حتى حسب المنطقة السكنية، وفي البداية، جاء اختيار المدارس الخاصة لدى الكثير من أولياء الأمور بسبب قرار المواليد (من سبتمبر إلى ديسمبر)، حتى لا يخسر الطفل سنة دراسية، وقد تم إلغاء هذا القرار ولله الحمد، لكن قوة تدريس اللغة الانجليزية هو أكبر سبب في اختيار المدارس الخاصة.


وأضاف يوسف “المدارس الحكومية، على تميزها، لكنها تعاني من جانب تدريس اللغة الإنجليزية، زد على ذلك “المنطقة السكنية”، فهناك أولياء أمور يختارون مدارس خاصة على مدارس حكومية ربما لا يتأقلم فيها طلبتهم، على الرغم من أن المدارس الخاصة قد تشهد مبالغة في رسوم “المرحلة التمهيدية”، وكأنك تسجل لدراسة ماجستير، فالرسوم كبيرة في بعضها ويحتاج الأمر للرقابة عليها.


ويستدرك بالقول “بصراحة هناك مدارس حكومية متميزة بمعلماتها وبيئتها وطالباتها، وقد سجلت ابنتي في مدرسة معروفة في عراد وتحقق جوائز في جودة التعليم، مع أنني كنت عازمًا على تسجيلها في مدرسة خاصة، أما بالنسبة للغة الانجليزية فبإمكاني تعليم ابنتي وتسجيلها في دورات”.


سيتخرج “عبقريًا”
ويذهب حسين مطر “ولي أمر” إلى أن اختيار التعليم الخاص يأتي في كثير من الأحيان من باب الوجاهة لدى البعض أو للتظاهر بالمدارس الخاصة، وهنا أقول ليس شرطًا ان طالب المدرسة الخاصة سيتخرج عبقريًا.


وهناك نظرة مجتمعية والأهل لهم دور، كأن تقول أم إن أبناء أختي في مدرسة خاصة، ولابد أن أسجل أبنائي في مدارس خاصة من باب المفاضلة، لكن مع ازدياد أعباء الحياة والالتزامات، ووجود عدد من المدارس الحكومية لا تقل عن المدارس الخاصة في مستواها، فإن الفكرة ليست “مدرسة حكومية أم خاصة”، بل في الطالب بالدرجة الأولى، فإذا كان موهوبًا ومجتهدا فهذا لا يهمه حيث سينجح ويتفوق، وإذا كان دون ذلك، فلن يتفوق ولو سجلوه في أفضل المدارس والجامعات في العالم، وستبقى قدراته محدودة، فلا علاقة للأمر بالمدارس الحكومية أو الخاصة من وجهة نظري، ولهذا نرى، أن المتميزين من الأطباء والمعلمين والمتخصصين الأوائل، كلهم تخرجوا من مدارس حكومية.


كالصنم في الصف
“في العام الماضي، تواصلت مع إدارة إحدى المدارس الحكومية التي لم تنظم إلا رحلة واحدة للطلبة، فقالوا إن الدراسة أهم، فقلت نعم، الدراسة على العين والرأس، ولكن الأطفال يحتاجون للترفيه”.. هذه عبارة عبدالكريم المكحل “ولي أمر”، الذي يرى أن بعض المدارس الحكومية تحتاج إلى تطبيق أساليب مشجعة لاسيما للأطفال في سن 7 و8 سنوات، وهي مرحلة للعب وليس للجلوس في الصف الدراسي كالصنم.


ويشير إلى أن المدارس الحكومية تتفوق في مواد كاللغة العربية وتحتاج لرفع مستوى اللغة الإنجليزية، إلا أن المدارس الخاصة تتميز بتدريس اللغة الإنجليزية، وفي الوقت ذاته تعاني من القصور في تدريس اللغة العربية، وبعض أولياء الأمور يفضلون مرحلة الروضة والابتدائي في “الخاصة” لتمكين الطفل من اللغة الإنجليزية، ونرى شريحة منهم ينقلون أبناءهم إلى المدارس الحكومية في المرحلة الإعدادية، فهناك كلفة مالية للدراسة بالمدارس الخاصة لا يقوى عليها ولي أمر لديه 4 إلى 5 طلبة.