+A
A-

بالفيديو: المرشد البحري "كابتن جميل": أنا كالسمكة إن أخرجتموني من البحر سأموت

بمناسبة يوم الملاحة البحرية العالمي يحتفل العالم بالجهود المبذولة للعاملين وصنّاع المجد في عالم الملاحة البحرية، عدسة “البلاد” سلّطت الأضواء على شخصية بحرينية بارزة في الإرشاد البحري، إيمانا منها بأن الكوادر البحرينية المعطاءة والمشرّفة التي تبذل قصارى جهدها من أجل الوطن تستحق وقفة للإبحار في ماضيهم وخبراتهم والغوص في أعماق ذكرياتهم. 
المرشد البحري جميل عبدالله راشد متمرس في مهنته لأكثر من 40 سنة، حيث بدأ مشواره المهني منذ الثمانينات وما زال مستمرا ومستثمرا في طاقته التي سخرها لخدمة وطنه ويعمل على توريثها إلى الشباب الكوادر الوطنية الشبابية.

البحر حياتي
أكد الكابتن جميل أن المهنة قبل أن تكون وظيفة، فهي شغف يعيش بداخل الإنسان منذ ولادته، فما بال بالبحريني الذي قضى تاريخه وحياته في عالم البحار.
 وأشار إلى الظروف التي صقلته وجعلته يعاصر الأزمنة حتى اكتسب منها خلاصة الخبرات، والتي سينقلها للشباب المبدعين من الجيل الحالي. 
وعبّر الكابتن جميل بجملة واحدة عندما سألناه عن مهنته وقال “البحر حياتي كلها”.

كوادر وطنية
 وأشار إلى أن الاستثمار في البحريني يعد رأس مال الوطن، وعليه يجب أن لا يتم التفريط بهم. 
وأكد أن مجال الملاحة البحرية في مملكة البحرين يمتاز بوجود كوادر وطنية عالية الكفاءة والجودة.

النجوم
وذكر أن الملاحة العالمية تعيش طفرة تطورية مواكبة للتكنولوجيا وتسابق الزمن على المستوى المحلي والعالمي مقارنة بالإنجازات الملموسة في السنوات الأخيرة.
 أما بالنسبة لمملكة البحرين فهي ولّادة للبحارة و “النواخذة” الذي أفنوا حياتهم في أعماق البحار وبين السفن يمارسون مهنة الأجداد بكل حب. 
واستذكر أن آباءنا وأجدادنا مارسوا مهنة الإرشاد البحري باحترافية تامة حيث إن اعتمادهم كان على الفلك والنجوم والخبرة على الأغلب.
 وأشار إلى جرس السفن يتم استخدامه أثناء الضباب لتحذير السفن الصغيرة من خطر الاقتراب. 
وبين إن العولمة والتكنولوجيا قلبوا الموازيين بشكل إيجابي وتطويري حيث اختلفت المعايير عن بساطة ما كانت عليه، مشيداً بكل ما هو مميز وعصري في عالم الملاحة البحرية والاستعانة بالكوادر الخلّاقة الذين يحملون شهادات عليا في مجالهم. 

لم أستسلم
وتحدث الكابتن جميل إنه عندما كان متدربا لأول مرة على متن رحلة بحرية انطلقت من الخليج باتجاه اليابان مروراً بتايوان ضمن الخطة العملية، أبلغهم القبطان أثناء الرحلة بوجود إعصار شديد القوة، معبرا عن تلك اللحظات التي عاشها مع زملائه في ذعر شديد مسلماً أمره للقدر وربما للموت الحتمي. 
وتوقع أن قوة الإعصار ستضعف فاستسلم الجميع لمواصلة الرحلة حرصا منهم لتأدية العمل في الوقت المتوقع، قائلاً المغامرة لم تكن في الحسبان والإعصار كان أقوى من المواجهة حتى البوصلة المغناطيسية تعرضت للتلف والتكسير، مردفا بأنه رأى الموت بعينيه عندما شاهد سفنا أخرى كانت تستغيث وسفينتهم وصلت درجة ميلانها 38 درجة، مستذكراً “كنا على وشك الانقلاب”.
وأوضح الكابتن جميل أنه رغم صعوبة المهنة إلا أنها ممتعة، مشيرا إلى أن هناك مخاطر كثيرة قد تتعرض لها السفن، مثل عطل يصيب المحركات أو فشل تلقي التوجيهات وأمور أخرى غير متوقعة، مردفا أن ذلك قد يعود إلى كيفية تعامل الكوادر مع الحوادث بالإضافة إلى توظيف خبراتهم العملية والنظرية، مشيدا بالجهود المبذولة من قبل برج المراقبة البحرية والجهات المساهمة في حفظ الأنظمة وتسييرها وفق الأصول وتقديم كافة استعداداتهم للأوقات الحرجة وفي حالات الطوارئ.

الملاحة المحلية 
أكد أن أنظمة الملاحة البحرية في مملكة البحرين تتميز بمعدات وتجهيزات عالية الجودة وبعضها صناعة محلية بحتة يعود لعشرات السنين.
وأشار إلى وجود القاطرات عند المرسى، والتي بدورها تساعد السفن على توازنها أثناء دخولها وخروجها من الميناء والتي تعتبر من أعرق الصناعات المحلية في البلد.

زملائي... أهلي 
قضى الكابتن جميل معظم حياته ليلاً ونهاراً في البحر، وأكد أن الحياة بين الزملاء في هذه المهنة مختلفة جدا عن المهن الأخرى، ربما يعود ذلك إلى طبيعة الحياة العملية، مشيرا إلى وجود الألفة ومشاعر الأخوّة والترابط والاحترام المتبادل.
واستذكر أحد المواقف التي لا تنسى عندما كان يريد أن يعبر نحو الجهة الأخرى من السفينة حيث اعترض طريقه حبل مرتخ قد يعرض السفينة وطاقمها للخطر والسوء، وقال حينها “أمسكني زميلي حتى لا أمسك الحبل ورفض رفضا باتا أن ألمس الحبل، قائلاً أنت نوخذة، والنوخذة يأمر وينهي ما يمسك الحبل”.