في بداية الثمانينات الميلادية كانت أول زيارة لي إلى البحرين، مسافة قصيرة اقتطعتها الطائرة من جدة إلى المنامة، ذهبت هناك لحضور دورة عمل إدارية أقامتها مؤسسة الصقر لصاحبها عبدالنبي الشعلة، وكان هذا أول تعارف بـ “أبو مشعل”، ولفت نظري حضور الرجل ودماثة خلقه وبساطته وعلمه وثقته بنفسه، ثم التقينا بعد ذلك في القاهرة خلال فعاليات مؤتمر أدفيستا أرابيا، والذي كان مشاركا فيه كمتحدث رئيسي نال إعجاب الحضور، ورغم قلة التواصل بيننا إلا أن مكانة الرجل عندي زادت مع مرور الوقت لما عرف عنه من حكمة وإتقان في العمل وطموح كبير، والذي انعكس بشكل واضح على التطورات المتواصلة في صحيفة “البلاد”، والتي دعاني للمشاركة في الكثير من ندواتها المهمة، لذلك عندما اتصل بي “أبو مشعل” وتفضل مشكورا بدعوتي للكتابة في “البلاد” مع كوكبة من الأقلام العربية وافقت مسرورا لمحبتي الكبيرة للبحرين وأهلها الكرام، واحترامي أبومشعل ومشروعه الصحافي في “البلاد”.
البحرين كانت دوما تعني لي التسامح والبساطة والجمال ورقي الأخلاق، وكنت في كل مرة أغادر فيها البحرين أشعر بغصة الفراق وأردد “يا الزينة اذكريني”، وها أنا أعود لها بشكل افتراضي كل أسبوع على ورق وموقع “البلاد”، جعلها الله عودة حميدة.
عندما كان يسألني الناس عن سر حبي وإعجابي بالبحرين، كنت أبتسم وأجيب إنها “سر الخلطة السرية البحرينية”، وهي المكونة من مقادير تاريخ عريق، وتتبيلة من الأجناس والأعراق والأديان أجبرت أن يكون التعايش السلمي والأهلي والانفتاح على الآخر الخيار الأوحد، تضاف إلى ذلك بهارات معنية باحترام وتقدير عظيم للعلم والتعليم، وكذلك تقدير حقيقي للتفوق والنجاح الفردي مع اعتزاز واضح بالتكافل الاجتماعي.
وبمرور الوقت كانت تجربتي الشخصية مع كل من تعاملت معهم بالبحرين تؤكد لي ذلك، ما يعني أن الخلطة السرية للبحرين ناجحة جدا ومختلفة. أول كلماتي عبر هذا المنبر الكريم هي لآلئ حب وتحية وسلام لهذه الأرض الطيبة وشعبها الكريم. دامت بخير وسعادة وألقاكم مجددا بعد أيام إن شاء الله تعالى.
* كاتب وإعلامي سعودي