+A
A-

توجهات لجعل السعودية مقراً إقليمياً لنحو 480 شركة بحلول 2030

  • تحول السعودية لتصبح مكاناً أكثر جاذبية للعيش والعمل 

  • تحويل الرياض لواحدة من أكثر مدن العالم تنافسية وملاءمة للعيش بحلول 2030

  • فتح مزيد من المدارس الخاصة في الرياض لدعم انتقال المغتربين 

 

في العام 2021، أصدرت المملكة العربية السعودية خطابا نهائيا للشركات الدولية: “لن تكون مؤهلة للحصول على عقود حكومية بدءا من العام 2024 ما لم يكن لديها مقر إقليمي” (المقر الرئيسي) في المملكة.  وتهدف المملكة العربية السعودية إلى جعل 480 شركة تفتتح مقرات إقليمية بحلول العام 2030، معتقدة أن هذا سيضمن وجودها المستدام والاحتفاظ بمزيد من نفقات الشركات في المملكة. وسيساعد ذلك أيضا على تحقيق أهداف رؤية 2030 وتنمية الاقتصاد السعودي. 
وكتبت مديرة في شركة الاستشارات الاستراتيجية الدولية رايس وهادلي وغيتس ومانويل، ستيفاني هوشير، أنه تم منح 80 شركة تراخيص لإنشاء مقر رئيسي في المملكة العربية السعودية. 
واستجابت شركات أخرى لحقيقة أنه يتعين عليها فتح مقر رئيسي في السعودية، لكنها تقوم بتقييم الثغرات، مثل عدد المديرين التنفيذيين والموظفين الذين يجب أن يعملوا من المقر الرئيسي في السعودية، والنسبة المئوية للمواطنين السعوديين الذين يحتاجون إلى التوظيف، مع اعتبارات أخرى.  وأوضح المدير الإقليمي لشركة أولبرايت ستونبريدج في مجلس التعاون الخليجي عماد العبد القادر: “ترى الحكومة في ذلك جهدا طويل الأجل، وتريد نقل موظفي صنع القرار إلى المملكة العربية السعودية؛ لأنها تعتقد أنه إذا كان كبار قادة الشركات يعيشون هناك، فإن هذا سيسمح لهم برؤية الفرص وتنمية أعمالهم بطريقة تفيد الشركات والبلاد بدلا مما ينظر إليه حاليا على أنه علاقة معاملات للعديد من الشركات، التي استفادت من المشتريات الحكومية لعقود على الرغم من عدم وجود أي بصمة اقتصادية في البلاد”. 

 إصلاحات كبيرة
إن رغبة المملكة العربية السعودية في تغيير هذه الديناميكية تولد المنافسة التي هي جيدة للمنطقة وجيدة للأعمال، كما كتب مستثمر رأس المال الاستثماري ورئيس المجلس الأطلسي إمباور الشرق الأوسط أمجد أحمد.  
وأطلقت المملكة العربية السعودية برنامج جودة الحياة في عام 2018 الذي يعمل بسرعة على تطوير مزيد من “الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والسياحية والحضرية”؛ لجعل المدن السعودية تصنف “بين أفضل المدن الصالحة للعيش في العالم”. 
كما بسطت المملكة عملية الحصول على التأشيرات السياحية، وعززت مشاركة المرأة في القوى العاملة من 18 % في العام 2009 إلى 30 % في العام 2020. 
وأوضحت رئيسة الشؤون العامة لدول مجلس التعاون الخليجي في سانوفي دانا العجلاني وهي شركة فرنسية متعددة الجنسيات للأدوية والرعاية الصحية ومقرها في باريس “أن وتيرة التغيير السريعة في المملكة العربية السعودية ملهمة، وحرص جيل الشباب على قيادة التحول بشكل واضح. وأود أن أشجع المديرين التنفيذيين والمستثمرين على زيارة البلاد؛ ليروا بأنفسهم مدى التحول الذي شهدته المملكة وعدد لا يحصى من الفرص التجارية الموجودة”. ومع ذلك، قد تفتقر بعض الشركات إلى فهم الواقع الجديد في المملكة. 
غالبا ما يصاب المسؤولون التنفيذيون الذين تحدثت إليهم بالصدمة من التغيير السريع والعميق في المملكة العربية السعودية. وقال نائب الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات السعودية AEI Saudi ميكي ستيوارت: “الرياض مدينة مثيرة وسريعة التطور، مع العديد من فرص نمط الحياة الناشئة لنقل المغتربين. ومع ذلك، وصفت لنا حفنة من الشركات مبادرة “المقر الإقليمي” بأنها واجب لممارسة الأعمال التجارية”، خصوصا مع تحول المملكة العربية السعودية لكي تصبح مكانا أكثر جاذبية للعيش والعمل. 

فرص عمل  
قبل كل شيء، تم تصميم برنامج “المقر الرئيسي”؛ لخلق مزيد من فرص العمل للسعوديين كجزء من حملة الحكومة لتنويع الاقتصاد من خلال رؤية 2030. 
إن ثلثي سكان البلاد البالغ عددهم نحو خمسة وثلاثين مليون نسمة هم دون سن الخامسة والثلاثين، وهو ما يمثل فرصة وتحديا، مع بدء العالم في التحول إلى مصادر طاقة أكثر اخضرارا، فإن مصادر الدخل البديلة ضرورية للبلاد. 
في عام 2022 نما القطاع غير النفطي في المملكة العربية السعودية بأكثر من 6 %، ومنذ عام 2011، شكل ريع النفط أقل فأقل من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، على الرغم من أنه لا يزال مصدرا مهما للإيرادات. 
تطلب الحكومة السعودية من الشركات الأجنبية إعادة استثمار بعض أرباحها في المجتمع، فضلا عن تدريب ونقل المعرفة إلى السكان المحليين. 
وكما أوضح مستشار الأمن القومي الأميركي السابق ستيفن هادلي: “تحتاج الشركات التي تريد أن تكون ناجحة في المملكة العربية السعودية إلى التأكد من أن خططها تتماشى مع أهداف رؤية 2030 من حيث خلق فرص العمل وتدريب الناس؛ لأن هذا ما تبحث عنه قيادة البلاد. لحسن الحظ، هذا شيء تجيده الشركات الأميركية”. 

تحديات العمل  
تتمتع المملكة العربية السعودية بالطاقة والطموح، فهي تحاول بناء الطائرة أثناء تحليقها، وهذا يمثل تحديا رغم ذلك. 
هناك توتر بين الحافز الرئيسي المقدم للشركات لإنشاء مقر إقليمي - إعفاء لمدة عشر سنوات من الحصص لتوظيف نسبة معينة من السعوديين في الوظائف - والأهداف العامة للخطة؛ لخلق مزيد من فرص العمل للمواطنين السعوديين. 
وكما يقول نائب الرئيس التنفيذي لشركة AEI السعودية ميكي ستيوارت: “نحن من دعاة وممارسي السياسة الاستراتيجية للحكومة المتمثلة في السعودة (وظائف سعودية للشعب السعودي). وعلى الرغم من وجود بعض المواهب المحلية المذهلة، إلا أن وتيرة وحجم التحول يعني أن الطلب مقابل العرض من المواهب لا يزال يمثل تحديا في المستقبل القريب”. 
تعمل المملكة العربية السعودية بجهد كبير لتكون هي الوجهة الأكبر والأكثر استقطابا واجتذابا للاستثمارات الكبرى خصوصا بالنسبة للشركات الكبرى العالمية التي تريد أن يكون لها فروع داخل الشرق الأوسط.

تكلفة المعيشة
تكلفة المعيشة في المملكة العربية السعودية هي عامل محفز آخر، تقول رئيسة لجنة سيدات الأعمال في غرفة التجارة الأميركية في المملكة العربية السعودية جميلة الدجاني: “يمكن أن يكون العيش في المملكة العربية السعودية ميسور التكلفة، يعكس هذا مقدار الفرص المتاحة لرواد الأعمال والمستثمرين الأجانب، حيث يمكنهم معالجة ارتفاع الطلب على المشاريع التي تعمل على تحسين نوعية الحياة”. 
تعمل السعودية أيضا على فتح مزيد من المدارس الخاصة في الرياض؛ لدعم الطلب الناجم عن انتقال المغتربين إلى المملكة. هذه المدارس الجديدة هي جزء من برنامج الجذب المدرسي الدولي - وهو شراكة بين وزارة الاستثمار ووزارة التربية والتعليم “تهدف إلى المساهمة في تحويل العاصمة إلى واحدة من أكثر مدن العالم تنافسية وملاءمة للعيش بحلول عام 2030”.
يمكن توقع مزيد من الصفقات الكبيرة إذا استمرت المملكة في تسريع تطورها، ولكن يجب على المملكة العربية السعودية مواصلة الإصلاحات المؤيدة للأعمال؛ لجذب الشركات الكبرى والاحتفاظ بها.  يجب على الحكومة السعودية أيضا مواصلة الاستثمار في إصلاح التعليم وإعادة صقل المهارات؛ لضمان استعداد الجيل القادم من السعوديين للوظائف المستقبلية.  إذا نجحت المملكة العربية السعودية، فيجب أن تكون قادرة على إنهاء متطلبات المقر الإقليمي في السنوات الخمس المقبلة.
وبحلول ذلك الوقت، سيكون لدى معظم الشركات الأجنبية بالفعل أو ترغب في وجود قوي في أكبر سوق إقليمية، خصوصا إذا استمرت سلبيات العيش والعمل هناك في الانخفاض.
 ويسعى تفويض المقر الإقليمي إلى تسريع هذا التحول؛ لأن المملكة العربية السعودية ليس لديها وقت تضيعه في سباقها لتحقيق أهدافها الطموحة في رؤية 2030.

* المصدر: atlanticcouncil