+A
A-

أفلام العنف والدم.. مضامين مسمومة وترفع شعار التجارة الرخيصة


السينما أداة خطيرة بل ويمكن اعتبارها من أخطر الفنون فعالية وتأثيرا في الناس، لأن السينما تختلف عن الفنون الأخرى من حيث اتساع شبكة علاقتها، ولوحظ بالسنوات الأخيرة تأثير أفلام العنف على شريحة من الشباب، خصوصا الأفلام الأميركية التي ما زالت تقاتل من أجل الحصول على السيادة، والنتيجة كانت مروعة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن الكثير من الجرائم التي يرتكبها الشباب والناشئة في أميركا بسبب مشاهد العنف والقتل على الشاشة، وهذا الكلام يمس جوانب الصدق، فهناك أفلام خالية من المضمون والرسالة وخطوط جبهتها واضحة المعالم.. قتل وعنف وحرب عصابات وأحيانا مبالغات مخيفة.
ولكن السؤال الذي يرافقه تكرار سريع للحيرة.. هل الفن يشجع على العنف؟ فإذا كان كذلك فمعنى هذا أن عددا كبيرا من الرسامين الكبار والكتاب والشعراء الذين عاشوا في القرون الماضية مسؤولون عن العنف الذي ساد تاريخ العالم. فمثلا هل من الممكن أن يكون شكسبير مسؤولا عن موت مارلو، أو أن يكون هوميروس قد كتب الالياذة قبل مذبحة تروجان؟
المطلوب إذًا هو معرفة دواخل الفرد الذاتية، وليس الفن، فبما أن العنف بدأ مع بداية تاريخ الإنسان، فالفن كعنصر موثر في المجتمع عكس العنف للناس. وإن مقتل شخص ما في العصور الغابرة لا يعني أن ذلك الشخص كانت له أهمية أكبر من الشخص الذي يقتل في العصر الحاضر، ولكن مقتل أي شخص في الوقت الحالي ينتشر بسرعة، بسبب وسائل الاتصال السريعة والحديثة.
إن الفيلم السينمائي كذلك له نفس المسار مع الفارق في عرض المشكلة أو الجريمة، وأصحاب الحرفة السينمائية هم أصحاب السلطة في هذا المجال، مسيطرون على تجارة الأفلام، إما عن طريق أموالهم، أو غالبا ما يكون ذلك عن طريق أموال غيرهم. والفنان يصور العنف بوسيلته، وهي الصدق والإخلاق والإبداعات الذاتية، ليوصل ما يريده إلى الناس، ومع ذلك فإن المهيمنين على الفيلم يتوسلون بوسائل أخرى لإيصال تجسيد العنف الذي قد لا يرتضيه الفنان، بإضافة مسألتين مهمتين عليه، هما الحب والجمال. فتلاحظ أن صورة العنف تحث الجمهور بشكل غریزي أو بتأثير مباشر أو غير مباشر على التعاطف معها، أو قد تحدث صورة عكسية سلبية للموضوع، فالعنف عند منتجي الأفلام يعني الربح، فتراهم يعيدون المحاولات بشكل أو بآخر حتى يحققوا غرضهم، وهذا ما يفسر إنتاج سلسلة من فيلم واحد مثل فيلم "جزار تكساس"، وفيلم
"SAW"
، وغيرها من الأفلام التي تحمل مضامين مسمومة وترفع شعار التجارة الرخيصة، فالفيلم لا يعجبهم إن لم يكن مليئا
بمشاهد العنف والدماء، فهاتان الصفتان هما الأساس في أفلامهم وهذا كله لكي ينافس المنتج، المنتج الآخر على حساب المتفرج المسكين، الذي وجد نفسه بين فراغ فاصل بين السماء والأرض، وما إن يلقى فيلم ما استقبالا وحماسا من الجمهور هرع المنتجون إلى إنتاج أفلام أخرى على نمطه.