+A
A-

هل قضيت سنوات اعتمادك في جداول “العدل” بحق ونزاهة أم بتطاول وتكسب جائر؟

استمعت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى، صباح أمس الثلاثاء، إلى مرافعة النيابة العامة في القضية الخاصة باختلاس خبير محاسبي مستندات وأوراقا وأختاما خاصة بإحدى الشركات، وطلبه مبلغا ماليا وقدره مئة ألف دينار مقابل تسليمها لذوي الشأن، وحددت جلسة 13 نوفمبر المقبل للحكم.


وأشار وكيل النيابة الحاضر إلى أن الخبير المحاسبي عُين من السلطة في المحكمة بمسك أموال المتخاصمين والائتمان عليها، وحفظها بكل عدل ونزاهة، ولكن لا أحد يعلم فيما إذا كان الخبير قد قضى سنوات اعتماده خبيرا مقيدا في جداول العدل والعدالة بحق ونزاهة أم بتطاول وتكسب جائر، وقال في مرافعته أمام المحكمة:


عدالة المحكمة الموقرة..
نسوق إليكم متهما تطاول على أصحاب حقوق آمنوا بمهنته وعمله، وعلى تفويض سلطة المحكمة، وعلى مجتمع صدق بائتمانه وعلى نفسه وأهله بارتكابه لجرمه وإثمه، وخان الثقة والأمانة مستغلًا ما كُلف به وعُين مصفيا لأموال المتخاصمين، فاختلس من أموالهم جزءا وجعل لنفسه منها نصيبا مفروضا، وحقا أصيلًا، يساوم ويغالي ويكابر، ويرفض التسليم إلا بعد الاستلام، ولم يُفترَ عليه، ولم يُتقَول عليه، ولم يتصيد عليه أحد، ولكنها أفعاله التي فعلت، وأقواله التي نطقت، فأوقعته في شر أعماله.


نقف اليوم أمام جناية اختلاس المتهم مستندات وأوراقا وأختاما خاصة بإحدى الشركات، حصل عليها بعد تعيينه مصفيًا من قبل المحكمة لتلك الشركة واحتفظ بها في منزله ولم يسلمها عند زوال صفته، وطلب مبلغا وقدره 100,000 دينار مقابل تسليمها لذوي الشأن، فضلا عن تصميمه وعزمه على عدم تسليم أي مستند قبل أن يتسلم المبلغ الذي طلبه، وتحديده طريقة حصوله على الأموال، حتى ضبط متلبسًا باستلامه ذلك المبلغ.
إن جريمة المتهم قامت على جملة أدلة قولية ومادية، وثبت منها أركان الجريمة وعناصرها وإسنادها للمتهم، وأن الأدلة القولية تتمحور حول شهادة الشهود المتحدة على مبدأ ثبوت تطاول وتجاوز وافتراء المتهم لحدود وظيفته واحتفاظه بتلك المستندات والأوراق والأختام دون وجه حق ومتاجرته فيها، علاوة على إقرار المتهم نفسه بأنه احتفظ بالمستندات والأوراق نظير تعيينه مصفيا على الشركة وأموالها لمدة 3 سنوات.


والأدلة المادية هو ثبوت اختصاص المتهم وصفته وسلطته وحقه المفروض، مما صدر من أحكام وقرارات من المحكمة المختصة بتعيينه مصفيا ومن ثم عزله، وما جاء من مراقبة وتسجيل مكالمات المتهم بثبوت طلبه الأموال نظير تسليمه ما عنده من مستندات وأوراق خاصة بالشركة، وعدم تسليم أي مستند قبل استلام المبلغ المطلوب، وإقراره بأن هناك مستندات في حوزته لم تدخل في التقرير؛ كون التقرير يتكون من 200 صفحة. وأما المستندات، فهي 10000 صفحة، وأن منها مستندات أصلية ولديه منها نسخ، وما ثبت عند تفتيش منزل المتهم وضبط المستندات والأختام، وما ثبت بتقرير فحص وتفريغ الأجهزة الإلكترونية المضبوطة لدى المتهم التي احتوت على ملفات إلكترونية تتعلق بالشركة، ومنها “قائمة المستندات المطلوبة” المرسلة من أحد الشهود إلى المتهم، علاوة على متاجرة المتهم وبيعه لما اختلسه، وثبت ذلك بمقطع الفيديو الخاص بتصوير واقعة تسليم الأموال إلى المتهم.


وأنهى وكيل النيابة مرافعته بطلب بإيقاع أقصى وأشد عقوبة على الخبير لما اقترفه من جرم.


فيما أفاد محامي المتهم في جلسة سابقة بأن موكله (المتهم) كانت لديه خلافات سابقة مع المدعين، وأن التهمة التي تم تلفيقها له تمت على أساس الكيد والانتقام للنيل منه؛ لما لديهم من عداوة تجاه المتهم، ودفع بالتمسك بإنكار التهم المسندة إليه، مشيرا لعدم توافر أركان جريمة الاختلاس المعاقب عليها في المادة 194 من قانون العقوبات، وزوال صفة المتهم؛ كونه موظفا عاما، وبالتالي فإن حيازته الأوراق بعد فترة انتهاء عمله تعد حماية لنفسه وحفاظا على حقوقه، وفق ما أجاز له القانون بالسماح بامتلاك المستندات لمدة 10 سنوات بعد انتهاء فترة العمل، وما يثبت أن ذلك كمين مفتعل هو أن المستندات التي تم طلبها منه أحد ملاك الشركة، يستطيع الحصول عليها من أي مكان بسهولة، ولكنه اختار أن يحصل عليها منه، كما تم العثور عليها أثناء عملية التفتيش بمنزله وليس بالشركة، مضيفا أن استصدار أمر مراقبة مكالماته وتصويره ودخول منزله يعتبر تعديا على حريته الشخصية.