+A
A-

المزارعون البحرينيون يستعدون لحصاد وفير في ديسمبر

  • عشرات الآلاف من الدنانير كلفة الاستثمار في بيوت المحمية لمزرعة صغيرة
  • الخيار أول منتجات الموسم والطماطم في يناير
  • جودة الخضار البحرينية تفوق المستوردة
  • مزرعة تعتزم البدء في زراعة الفراولة الأوروبية
  • نهاية موسم اللوز والتين والاستعداد للخضراوات

تحت أشعة الشمس الحارة، يقف المزارع جاسم محمد من الصباح في مزرعته في هورة عالي، للإشراف على عملية التحضير لزراعة عدد من المحاصيل الزراعية والتي يتوقع حصادها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.


ويستعد عشرات المزارعين في البحرين لبدء زراعة محصول الخضراوات البحرينية خلال هذه الفترة المقبلة، في حين بدأ مزارعون آخرون بالفعل في عملية الزراعة تمهيداً لطرح المنتجات في السوق بعد نحو ثلاثة أشهر.


ومن المنتظر أن يبدأ موسم الخضراوات البحرينية هذا العام بطرح الخيار والقرع خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، في حين يتأخر الطماطم لشهر يناير المقبل، حيث بدأت مزارع بطرح كميات من الخيار ولكن بشكل محدود نسبياً.


ويشير محمد بإصبعه إلى الحقل الممتد على مساحة 9 آلاف متر، إذ يتعين على العمال الانتهاء بسرعة من وضع الشباك فوق نبات البطيخ لحماية المحصول من الطيور، حيث يستعد نبات البطيخ لعملية التلقيح التي تتم بين أزهار المؤنَّثة ونظيراتها المذكَّرة، وعادة ما تقوم الطيور باقتلاع الأزهار مما يفسد الإنتاج.


ويوضح المزارع البحريني، والذي ورث مهنة الزراعة عن والده وأجداده، أنه بدأ في زارعة أصناف من الخيار بشكل مبكر هذا العام في سبتمبر، معتبراً أنه نوع من المخاطرة، حيث إن معظم المزارعين يبدأون مرحلة وضع البدور في شهر أكتوبر وذلك لحصاد الخضراوات خلال شهر ديسمبر أو يناير.


وتبدأ عملية تحضير الأرض في وقت مبكر في شهر أبريل، حيث يتم تعقيم الأرض بالشمس لمدة 21 يوماً وتسميدها وتهيئة التربة لاستقبال البذور مع بداية الموسم في سبتمبر، فالعمل لا يتوقف طوال العام، حيث يتم تهيئة الأرض وتنظيفها طوال فترة الصيف.


وتعد الطماطم والخيار والخضراوات الأخرى مثل الكوسا والفلفل والبروكلي والقرع واليقطين والقرنبيط وغيرها من الخضراوات الأكثر زراعة لدى المزارعين في هورة عالي ومختلف مزارع البحرين، حيث تحظى هذه المحاصيل بإقبال المستهلكين عليها.


ويقول إن كل محمية تكلف قرابة ألف دينار فقط من أجل غرس البذور ومع وجود 14 محمية من الخضراوات، فإن أي إخفاق في عملية بدء الزراعة قد تكبد المزارع خسائر قاسية.


واستثمر المزارع البحريني عشرات الآلاف من الدينار في المزرعة التي استأجرها من وزارة شؤون البلديات والزارعة منذ 2017، بمبلغ إيجار مدعوم يبلغ 300 نحو فلس لكل متر مربع أي نحو ألفي دينار في العام، حيث تنص العقود على أن مدة الإيجار تبلغ 10 سنوات فقط مما يشكل هاجساً لمن يرغب في الاستثمار الزراعي.


ويعبر محمد عن خشيته من خسارة استثماراته بحلول العام 2027، والذي ينتهي فيه عقد الإيجار مع الوزارة وهو لم يسترد بعد قيمة ما دفعه من استثمارات.


ويقول “في بعض السنوات نتعرض لخسائر، الزراعة محفوفة في المخاطر، ولو حسبت كل مصاريف بالورقة والقلم فربما لن أستمر في هذا النشاط، أنا أستمر في نشاط الزراعة لأني أعشق هذه المهنة أكثر من السعي وراء الربح، تعلمت المهنة من الوالد وهو تعلمها من والده وهكذا”.


ويرى المزارع أن تقديم دعم أكبر وتخفيض إيجارات الأراضي الزراعية سيشكل حافزاً كبيراً للمزارعين خصوصاً الذين أظهروا التزامهم بالاستثمار الزراعي في هذه الأراضي وطرح محاصيل في السوق، كما اعتبر أن فترة عشر سنوات تعد مدة قصيرة جداً لاسترجاع تكلفة الاستثمار.


ويعمل أكثر من 20 مزارعاً في منطقة هورة عالي الزراعية التي طرحتها الحكومة قبل نحو عشر سنوات للقطاع الخاص، بعد أن كانت منطقة زراعية تابعة للحكومة، حيث تعد من المشروعات القليلة التي توفر مساحات للمزارعين في بلد تضمحل فيه المساحات الزراعية باستمرار على حساب التوسع العمراني.


ويشير محمد إلى أن الحكومة كانت في السابق تقدم دعماً كذلك للمبيدات الحشرية، حيث إن بعض المبيدات يكلف قرابة 25 ديناراً للعبوة الواحدة، وكانت الوزارة تتيحه بأسعار تصل إلى 6 دنانير، وكان ذلك يشكل دعماً كبيراً للمزارعين، لكن هذا توقف قبل نحو عامين.


وبشأن التحديات التي تواجه المزارعين، ثمّن المزارع التسهيلات التي تقدمها الحكومة وبعض محلات السوبرماركت والتي تقوم بشراء المنتجات من المزارع البحريني مما يجعل المنتج البحريني على أرفف عدد من المحلات الكبرى، لكن مسألة منافسة المنتج المستورد مازالت تمثل هاجساً كبيراً خصوصاً مع وجود فروقات كبيرة في الأسعار.


ورغم هذه الفروقات أوضح أن الفرق بين المنتج البحريني والمستورد واضح جداً ومستوى الجودة في المنتج البحريني عالٍ من ناحية الشكل، والطعم، والحجم والقوام.


ويشير إلى أن ندرة الأراضي توفر هاجساً كبيراً للزراعة في البحرين، حيث إنه لا يوجد عائق في زراعة المزيد من النباتات، ولكن العائق الوحيد هو توافر الأراضي.


ويشير “مع وجود المزيد من الأراضي فإن هامش التكلفة سينخفض، المزارع في الدول المجاورة تستطيع تقديم أسعار أرخص لأن المزارع هناك على مساحات شاسعة تصل إلى كيلومتر مربع وتكون أراضي ملك وبدون إيجارات (...) البطيخ مثلاً فيه ربحية جيدة ولكن يحتاج لمساحات واسعة للتوسع في الإنتاج”.


وبيّن أنه رغم أن الزراعة فيها “خير كثير” لكن بعض المزارعين البحرينيين يضطرون في كثير من الأحيان إلى خفض الأسعار لأقل من التكلفة لكي لا يخسر قيمة البذور على الأقل.


الزراعة المائية
من جانبه، يقول محمود فتحي من مزرعة علي راشد الأمين أن المزرعة تعمل على مختلف الأشجار والحشائش الخاصة المتعلقة بالتخضير سواء للمنازل أو المشاريع والشوارع، حيث يتم زراعة تشكيلة واسعة من الأشجار والورود.


وأوضح أن هناك عدداً من الأشجار التي تناسب البيئة الحارة، ولكنه يشير كذلك إلى أن المزرعة بدأت قبل نحو عامين بالزراعة المائية (الزراعة بدون تربة) باستخدام أحدث التقنيات، حيث يتم تحضير المحاليل الزراعية بصورة آلية بشكل كامل دون تدخل بشري.


وبيّن أن الإنتاج متنوع حيث يتم زراعة الخس بكميات تجارية إلى جانب عدد من المنتجات الورقية الأخرى، ومن ثم طرحها في الأسواق، حيث أشار إلى أن التقنية المستخدمة في الزراعة حديثة جداً.


وأوضح أنه في الزراعة لا يوجد مستحيل، مع وجود تقنيات والخبرات، مشيراً إلى أن المزرعة تطمح لبدء أنواع فاخرة من الفراولة الأوروبية خلال الشهرين المقبلين ما يشكل إضافة نوعية للسوق.


اللوز والتين
وتركز مزارع أخرى في هورة عالي على إنتاج اللوز والتين بمختلف أنواعه، إلى جانب المحاصيل الأخرى.


ويقول عمر فاروق البائع من مزرعة عبدالوهاب إن إنتاج التين يبدأ من شهر مايو وحتى شهر نوفمبر وديسمبر، لكن اللوز يتم زراعته حسب النوع إذ توجد ثلاثة أنواع منها والتي يستمر محصولها من شهر يونيو وحتى شهر نوفمبر، وبيّن أن المعروض حالياً من اللوز من النوع “السكندري”.


وأشار إلى أنه يتم حالياً التحضير لزراعة الخضراوات في الفترة المقبلة تمهيداً لطرحها في السوق.