+A
A-

محمد الهزاع لـ"البلاد" (1-2): وحدة التحقيق الخاصة تباشر الدعاوى الجنائية في جرائم التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية

  • الوحدة جهة قضائية مستقلة تهدف لحماية حقوق الإنسان بمنظومة العدالة الجنائية
  • حماية حقوق المتهمين والمحكوم عليهم حتى تنفيذ العقوبات القانونية
  • تلقي الشكاوى يمكن أن يتم من الشاكي نفسه أو أي شخص علم بوقوع الجريمة

في إطار احتفال العالم بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعد أحد أهم الإنجازات الكبرى للأمم المتحدة؛ كونه أساس القواعد الدولية لحقوق الإنسان، كان لنا هذا اللقاء مع القائم بأعمال المحامي العام رئيس وحدة التحقيق الخاصة محمد خالد الهزاع، والذي تنشره صحيفة “البلاد” على حلقتين، لنسلط الضوء على هذا الجهاز الذي يعد من أبرز الإنجازات الحقوقية الرائدة في كفالة الحقوق والحريات العامة بمملكة البحرين.


وأكد الهزاع، في سياق اللقاء، الدوري المحوري لوحدة التحقيق الخاصة في حماية حقوق الإنسان بمنظومة العدالة الجنائية، بما تقوم به من حماية حقوق المتهمين والمحكوم عليهم في المنظومة الجنائية، منذ مباشرة إجراءات الاستدلال والتحقيق حتى تنفيذ العقوبات القانونية، بالاشتراك مع جميع الآليات والأجهزة والمؤسسات الوطنية المعنية.


بداية، ما اختصاصات وحدة التحقيق الخاصة والأهداف التي ترمي إلى تحقيقها في منظومة العدالة الجنائية؟
أنشئت وحدة التحقيق الخاصة بموجب قرار النائب العام علي البوعينين في العام 2012، وتختص بالتحقيق والتصرف ومباشرة الدعوى الجنائية في جرائم التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، التي ترتكب أو تقع من أعضاء قوات الأمن العام أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأديتهم لأعمال وظائفهم، بهدف الكشف عن حقيقتها وتحديد المسؤولين عن ارتكابها كفاعلين أصليين أو شركاء، في ظل مبدأ مسؤولية القيادة ومتابعة ملاحقتهم جنائيًّا وتأديبيًّا.


ويمتـد اختصـاص الوحـدة بصـدد الدعـوى الجنائيـة فـي الجرائـم موضـوع اختصاصهـا إلـى تمثيـل الادعاء فيهـا أمـام المحاكـم وإعـداد المرافعـات والـرد علـى الدفـوع والطعـن فـي الأحـكام حسـب الأحوال.


وتسعى الوحدة عبر عملها جهة قضائية مستقلة إلى حماية حقوق الإنسان في منظومة العدالة الجنائية، وذلك بتأكيد سيادة القانون وضمان مساءلة مرتكبي جرائم التعذيب أو إساءة المعاملة وكسب ثقة المتقاضين باستقلالية وحرفية ومهنية الوحدة.

ما الغاية من استقلالية الوحدة ومفهومها؟
توصي المبادئ الدولية للتقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة؛ أن يتم إجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسبابًا معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملًا من أعمال التعذيب قد ارتكب، وذلك عبر هيئة تحقيق مستقلة، عن أي مؤسسة أو جهة أو شخص يكون محلًّا للتحقيق مع مدعي التعذيب أو إساءة المعاملة.


فكان إنشاء وحدة التحقيق الخاصة بطبيعتها القضائية المستقلة عن أي جهة أخرى؛ هو الضمانة الرئيسة لذلك، فالوحدة تباشر اختصاصاتها القانونية تحت السلطة الكاملة لرئيسها، ويشرف النائب العام على أعمالها إشرافًا إداريًا، كما أن المحققين متفرغون للعمل بها، ولا يجوز إعفاؤهم من أعمالهم أو نقلهم إلى جهات قضائية أخرى دون مبرر إلا بناءً على رغبتهم.


كما أن للوحدة مقرا مستقلا، وشعبا متخصصة، ووسائل لتلقي البلاغات، وبرامج تدريبية مع جهات محلية ودولية، مستقلةً تمامًا عن جميع الجهات، وفق الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة بعملها، شاملةً بروتوكول إسطنبول لتقصي وتوثيق حالات التعذيب.

وما معايير الشفافية التي تقدمها الوحدة للمجتمعين المحلي والدولي، وآلية الإعلان عن إجراءاتها ونشر الإحصاءات الدورية؟
تنتهج وحدة التحقيق الخاصة مبدأ الشفافية منذ إنشائها، حيث تقوم بنشر تقارير دورية، كانت بصفة شهرية ثم أصبحت تصدر كل 4 أشهر، تُطلع فيها الجميع على تفاصيل أعمالها، وعلى عدد وأنواع الشكاوى التي تلقتها، وعدد المجني عليهم والشهود والمتهمين الذين تم سؤالهم، ومن تم عرضهم على شعبة الطب الشرعي والدعم النفسي، كما يتم تسليط الضوء عبر نشر التقارير بشأن انخفاض عدد القضايا التي تباشرها وحدة التحقيق الخاصة، علما أن استمرار انخفاض معدلات جرائم التعذيب وإساءة المعاملة دليل على أننا نسير بالطريق الصحيح.


كما تنشر القضايا التي أحيلت للمحاكمات الجنائية أو التأديبية والأحكام والجزاءات الصادرة فيها، فضلًا عن التطرق لأي برامج تدريبية تقوم بتنفيذها، وحديثا دأبت الوحدة على إصدار تقارير سنوية تتضمن تفاصيل أعمالها عن العامين 2021 و2022، وهي منشورة ومتاحة على الموقع الإلكتروني الخاص بالوحدة siu.gov.bh باللغتين العربية والإنجليزية.


كما تقوم الوحدة بالرد على أي استفسارات أو تقارير دولية ترد إليها من أي جهة كانت، بشأن الوضع الحقوقي في مملكة البحرين، لتعكس حقيقة الواقع وتدحض أي مزاعم لا أساس لها من الصحة، في ظل المنظومة الحقوقية المتكاملة في البحرين.

ما الأسس التي تحققها الوحدة بالتوافق مع مبادئ بروتوكول اسطنبول لتقصي وتوثيق حالات التعذيب وإساءة المعاملة؟ وما المعايير الوطنية والدولية التي ترتكن إليها في مباشرتها لأعمالها؟
بداية لابد أن أوضح أن بروتوكول إسطنبول يعد أهم وثيقة تتناول المبادئ الدولية للتحقيق في حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة، بما يحتويه من مبادئ وقواعد وإرشادات دولية للتحقيق في هذه الحالات وآلية الكشف عنها وتجميع أدلتها ومواجهة المسؤولين عن ارتكابها، وتعتبره الوحدة منارة عملها ودليلها للتقصي عن صحة وحقيقة الادعاءات التي تثار أمامها.


وترتكن الوحدة في مباشرتها لأعمالها إلى مراجع قانونية أساسية وطنية ودولية، من بينها تعليمات أعمالها، وهي وثيقة إرشادية وعملية متكاملة، تتناول على نحو تفصيلي تحديدًا لطبيعة الوحدة وأهدافها والسلطات المخولة لها، وبيانًا لاختصاصاتها وتشكيلها ومهام أقسامها وشعبها ووسائل جمع الأدلة القولية والمادية والفنية، وتم إعدادها على ضوء أحكام القانون والمستحدث من المبادئ القانونية، واستنادًا إلى القواعد المقررة ببروتوكول اسطنبول لتقصي وتوثيق حالات التعذيب وإساءة المعاملة.


كما تضع الوحدة في اعتبارها المدونات والقواعد السلوكية والمهنية الوطنية والدولية والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة، مثل مدونة سلوك رجال الشرطة، مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية، وإعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ما أقسام الوحدة وشعبها؟
للوحدة شعب متخصصة عدة لإنجاز أعمالها وتحقيق أهدافها، وتضم بكل منها عددا كافيا من الأعضاء والخبراء والمختصين، حيث يتكون الهيكل الداخلي للوحدة من 6 شعب: شعبة التحقيق، شعبة الطب الشرعي والدعم النفسي، شعبة الاتصال والإعلام، شعبة المعلومات والأعمال الإدارية، شعبة الشرطة القضائية، وأخيرًا شعبة شؤون المجني عليهم والشهود، التي أضيفت للوحدة مطلع العام 2021، بغية استمرارها في مباشرة أعمالها وفقًا لأحكام القانون والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة بعملها، ومواكبة للتطور التشريعي، خصوصا التعديلات التي أدخلها المشرع على قانون الإجراءات الجنائية والخاصة بحماية المجني عليهم والشهود من المخاطر التي قد تحيق بهم.

كيف تتلقى الوحدة الشكاوى، وما آلية التواصل معها؟
التواصل مع الوحدة متاح بمختلف السبل، فبخلاف الشكاوى التي ترد إليها من النيابة العامة أو المحاكم أو أي من الجهات الحقوقية أو الرقابية المعنية بحماية حقوق الإنسان، فإن الوحدة تتلقى الشكاوى بشكل مباشر من الشاكي نفسه أو ذويه أو أي شخص علم بوقوع الجريمة، سواء بالطريقة التقليدية عبر الحضور للوحدة والتقدم بالشكوى، أو بواسطة الوسائل الإلكترونية المتاحة عبر خدمة التقدم بشكوى بالموقع الإلكتروني الخاص بالوحدة، أو عن طريق التواصل عبر البريد الإلكتروني أو عبر منصات التواصل الاجتماعي أو حتى عن طريق الهاتف، كما أن الوحدة واستنادًا للمعايير الدولية المقررة لعملها، تأخذ على عاتقها رصد الشكاوى بطريق غير مباشر، عن طريق متابعة ومراقبة شعبة الاتصال والإعلام بالوحدة لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، للوقوف على أي وقائع أو ادعاءات تتعلق باختصاص الوحدة.

كيف تساهم وحدة التحقيق الخاصة في تحقيق الالتزام بالقواعد الدستورية والقانونية المعنية بحماية وتعزيز حقوق الإنسان؟
لطالما كانت مملكة البحرين حريصة على ترسيخ احترام وتعزيز الحقوق والحريات الأساسية للإنسان، وهذا ما أرساه ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وما عكسته القواعد الدستورية والتشريعات الجنائية، بما وفرته من ضمانات إجرائية وتشريعات عقابية لمنع حالات التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، وفقًا للاتفاقات والمعايير الدولية ذات الصلة، ومن بينها اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وغيرها من الاتفاقيات والإعلانات والمعايير الدولية، التي تلزم الدول باتخاذ إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أي إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي، وإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملًا من أعمال التعذيب قد ارتكب، عبر هيئة تحقيق مستقلة عن أي مؤسسة أو جهة أو شخص يكون محلًا للتحقيق مع مدعي التعذيب أو إساءة المعاملة.


لذا كان إنشاء وحدة التحقيق الخاصة ضمن حزمة تعديلات تشريعية وإدارية لضمان حماية وتعزيز حقوق الإنسان وتحقيق الالتزام بالقواعد الدستورية والاتفاقيات الدولية المعنية، وذلك بطبيعتها القضائية المستقلة ضمن النظام القضائي في مملكة البحرين، واختصاصاتها القانونية المحددة كما سلف البيان.